الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم - يبدو أن بند «العجز المقدر» في الموازنة العامة تحول إلى ثابت من ثوابت مالية الدولة الأردنية. فالمعلومات المتداولة تؤشر على أن تاريخ وزارة المالية لم يسجل موازنة بدون عجز حتى اللحظة.
وأذكر أن أحد الزملاء الصحفيين المعروفين تم توقيفه أيام الاحكام العرفية لأنه كتب خبرا يبشر الأردنيين بموازنة خالية من العجز.
قصة العجز في الموازنة قصة قديمة، ولها أكثر من مفهوم، بعضها يردده العامة بقدر من التندر، والبعض الآخر يتحدث عنه سياسيون واقتصاديون كل ضمن تخصصه. وكل تلك المفاهيم لا أرغب بالتطرق لها في هذه العجالة.
فكل ما أود الحديث عنه هو حلم يراود كل أردني، بأن يرى قبل وفاته وقبل أن يودع هذه «الدنيا الفانية» موازنة بدون عجز. أو على الأقل تطابقا بين العجز المقدر والعجز الحقيقي. وأن لا تكون المحصلة مبالغة في التقديرات تقابلها مبالغة في النفقات وعجز إضافي.
وهو حلم بسيط، لا يدخل ضمن إطار الحلول السحرية، وإنما يقوم على مبدأ التقدير الواقعي للإيرادات، ووضع هامش لإمكانية «الصح والخطأ»، ويوزع تلك الإيرادات على مختلف مجالات الإنفاق الضرورية، ويستبعد كل ما هو غير ضروري.
فالحلم أن تبنى الموازنة لسد حاجات مهمة وضرورية، وبخاصة الاحتياجات الأمنية والدفاعية، والصحية والتعليمية، إضافة إلى الرواتب. وما زاد عن ذلك يوجه نحو المشاريع الرأسمالية وبحيث تتوقف المديونية عند ما هي عليه، وأن لا تزيد ولو بمقدار دينار واحد.
موازنة عنوانها شد الأحزمة على البطون، ليس للمواطنين فقط، وإنما للدوائر والمسؤولين وبما يوقف الانفاق في أي مجال يمكن تأجيله أو الاستغناء عنه.
مبرر ذلك أن من يستعرض الموازنة العامة للدولة يتوقف عند أبواب كثيرة للإنفاق، غالبيتها ترفيّه، والجزء الباقي منها ليس ضروريا.
أذكر هنا ما دار من نقاش يتعلق بالمبالغ المخصصة كمياومات سفر للنواب. وقتها أكد أحد النواب أن المبلغ المخصص في الموازنة لهذه الغاية ليس كما يردد البعض، وأنه «900 الف دينار فقط». يضاف إليها كلفة استضافة الوفود الأجنبية القادمة والمشاركة في المؤتمرات التي تعقد هنا. فهو يرى المبلغ متواضعا ونحن نراه ليس ضروريا.
ولو استعرضنا البنود الأخرى لوجدنا مبالغ مالية تقل أو تزيد مرصودة لغالبية الوزارات والدوائر لمثل هذا الغرض.
وهناك مبالغ مرصودة تحت بند «متفرقات»، يتصرف بها رئيس الحكومة، والوزراء كل ضمن اختصاصه. وتنفق كلها على شراء السيارات وتحديث المرافق والاحتفالات والهدايا والضيافة وغيرها. ومبالغ أخرى مرصودة للمكافآت، تنفق بدون أية أسس أو ضوابط.
وهناك مبالغ مرصودة كنفقات ماء وكهرباء وهي أوجه إنفاق مبالغ بها وفيها الكثير من الهدر.
بالطبع هناك أبواب عديدة في الموازنة لو تم الاستغناء عنها لن يتأثر الأداء الحكومي شيئا. وسيكون ممكنا تحقيق الحلم بان نشهد موازنة خالية من العجز، تتساوى فيها الإيرادات والنفقات. فهل من سبيل لتحقيق الحلم؟
إحمد حمد الحسبان