الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    النظام المشوه !!

    أحداث اليوم - لن أتحدث عن إضراب المعلمين، ولا عن مطالبهم، ولا عن تفاصيل الإشكالية القائمة، ومن المتسبب بها، فالقضية أصبحت «قانونية» وتحولت الى سلطة القضاء للتعامل مع تفاصيلها.

    لكن ما حدث أعاد التركيز على قضية غاية في الأهمية، وتتمثل بإشكالية الرواتب للموظفين الحكوميين بشكل عام، وما أصاب نظام الخدمة المدنية من تشوهات يدركها الكل وتعترف بها الحكومة.

    وجهة نظري، أن التشوه في نظام الخدمة المدنية ولد مع النظام، وأن محاولات العلاج اللاحقة جذرت التشوه وأضافت اليه عناصر أخرى جديدة أكثر تعقيداً.

    اللافت هنا أن الحكومات المتعاقبة تعترف بأنه نظام مشوه، وتعمد إلى إجراء تعديلات تكاد تكون سنوية على مواده، لكنها تكتشف لاحقا أن البعض من تلك التعديلات أضافت عليه المزيد من السوء. وأن بعض"الكحل» قد أصاب عين نظام الخدمة بـ"العمى».

    ونذكر هنا مشروع إعادة الهيكلة ـ سيء الذكر ـ الذي كان هدفه المعلن إزالة كافة التشوهات، بما في ذلك ملف الرواتب. إلا أن النتيجة جاءت» مولودا مشوها». فلا الكلفة التي تم الإعلان عنها في البدايات كانت دقيقة، ولا النتائج اقتربت مما هو مطلوب.

    الآن، هناك مشروع جديد معدل لنظام الخدمة المدنية، وهناك نقاشات تجري حول ذلك النظام، لكن المتسرب من محيطها يؤكد أنها نقاشات مصلحية، تشارك بها أطراف ذات صوت عال، أسست نفوذا يمكنه من فرض ما يريد.

    ويبدو أن الحكومة التي قامت بوضع التعديلات المقترحة كانت حريصة على إما كسب ود تلك الأطراف، أو تجنب غضبها، بينما قطاعات واسعة كانت وما زالت غائبة عن أي دور في هذا الملف.

    وهو ما يعني أن التشوه سيبقى قائما، وأنه سيتجذر في الكثير من الحالات. وسيبقى النظام منحازا إلى بعض الأطراف، في كل مفاصله. وستبقى العدالة في مجال الخدمة المدنية منقوصة، وستظل الأغلبية العظمى من الموظفين تعاني من تلك التشوهات.

    وبالتوازي ستبقى الحكومات تعاني أيضا من تطبيقات ذلك النظام، ومن تشوهاته الكثيرة والكبيرة.

    بالطبع لا أقلل من جهد من قام بوضع التعديلات الجديدة دون أن نعرفها، ودون أن يتم الكشف عنها. لكنني أرى أن «الكتاب واضح من عنوانه»، وأن تجاذبات الأقوياء ستشوه التعديلات، تماما كما تشوهت من خلال مشروع الهيكلة الذي ما زلنا، وسنبقى نعاني من تطبيقاته إلى أن يأتي نظام جديد يتم بناؤه من نقطة الصفر، دون أن يغفل ما في النظام الحالي من عناصر إيجابية.

    ومن أبرز ملامح النظام الجديد ـ إن أعجبت الحكومة بالفكرة ـ أن يتم اعتماد نظام» المساطر» للفئات المتشابهة، وأن تلغى امتيازات المؤسسات وتحل بدلا منها امتيازات المهنة وجودة الأداء دون إغفال العناصر الفعالة في كافة الشؤون الوظيفية.

    والأهم من ذلك أن يشارك بوضع النظام الجديد ممثلون عن كافة الفئات المستهدفة.

    وبغير ذلك، سنظل نشكو من التشوه.
    أحمد حمد الحسبان





    [02-10-2019 08:51 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع