الرئيسية مقالات واراء
فيما يواصِل عرب اليوم تطلعهم نحو الأُم الحنون واشنطن.. يَشخصون بعيونهم وتَشّرئِب أَعناقهم كلّما قَرأوا تَسريباً أو سمِعوا تصريحاً لمسؤول أميركي من الدرجة العاشرة, واستبدّ بهم قلَقٌ كأن الريح تحتَهم, إذا ما وعندما يُلقي الرئيس الأميركي أو وزير خارجيته كلِمة عابرة تستبطِن تغيّراً في سياسة بلاده نحو مِلف أو قضية ما, وخصوصاً إذا ما أبدى فتوراً إزاءَ ما يظُن بعض العرب أنها أمُ المعارِك وجذر المَلفّات.
نقول: في إطار مشهد عربي عبثي كهذا, لم يُوصِل ولن يُوصِل إلى نتيجة, ما دام في بلاد العرب المَسكونة بالرُعب والمُرشّحة لمزيد من الفوضى والإنهيارات الإقتصادية والقلاقِل الاجتماعية, وانحسار الأدوار والمَكانة, والموعودة بالهزائم والإنكسارات، لإن مُعظمَهم - حتى لا نقول كُلّهم -يرى أميركا قدَرَاً لا فِكاكَ مِنه ولا مَهرَب. تبدو في المقلَب الآخر مُؤشرات على تزايُد وتعاظم عدد الدول والقوى الإقليمية وخصوصاً الدولية, الرافِضة للهيمنة الأميركية والمُقاوِمة بفعالية للإملاءات الأميركيّة, وهي تعمَل علناً على تقليم أظافر الامبراطورية الإمبريالية, التي مَنحَت لنفسها دوراً ومكانة إستثنائية خوّلتها زوراً وبهتاناً، مُعاقَبة دولٍ وشخصيات وكيانات وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية ومالية عليها, ودائماً التلويح بشنّ الحروب عليها ومُحاصرتِها ونزع الشرعِية عنها, لا لسبب جوهري أو مُتّصلٍ بالقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان، وما تواضعت عليه أسرة الشعوب بتقديم منطق السِلم والمصالِح المُشترَكة, على منطق الحروب والأنانيّة ونَهب ثروات الشعوب, كـ«ثقافة» كرّسَها الاستعمار الغربي منذ قرون وجاءت الامبريالية الأميركيّة, تُؤسّس لِنظام دولي أُحادي تظُن لفرط غطرستها وشعورها الزائف بفائض قُوّة, أنها قادِرة على إبقائه والدفع بديمومته, والعمل بكل أساليب البلطجة والتخويف والإبتزاز والإحتواء والإنقلابات, للحؤول دون بُروز قوى تلجمها وتدعوها إلى «التعقل», وإدراك حقيقة أن «للقوَّة حدود», وأن عالماً يروم العيش بأمان, لا يمكن أن ينهض ويتواصَل, دون احترام مصالح الشعوب وحقّها في اختيار الأنظِمة وأسلوب الحياة التي تريده بـ«حُريّة».
لِننظر إلى «عَيّنة» من رافِضي الإملاءات الأميركيّة حدود التحدي, ولنقتَبِس ونُؤشّر على بعض التصريحات والمواقِف, ولنبدأ بالصين التي احتفلت بسبعينية نظامها الجمهوري. إذ قال الرئيس «شي»: ليس هناك من قوة قادرة على وقفِ تطوّر الصين، فيما أرسل أردوغان وهو يُدشّن سفينة حربيّة مُصنّعة مَحليّاً, رسالة حادّة لواشنطن تقول: أن عليها تحمّل عواقِب إيقاظها «المارِد» التركي من سُباتِه، (بعد فرضِها عقوبات عسكرية على أنقره), وبعثت الهند برسالة أكثر عنفاً تقول: لا يحق لواشنطن, أن تُملي علينا أين نشتري السلاح, ولم يكن الرد الروسي المُتدحرج أقل عنفاً وبخاصة دعوتها واشنطن لـ"وَقف ألاعيبها غير المُجدِية».
تسألون ماذا عن كوريا الشمالية؟: بيونغ يانغ لم تَكتفِ بالقول: إن مُستقبَل المفاوضات النووية بين يدي واشنطن (بمعنى أنها رمَت الكرة في ملعبها) بل سارَعت يوم أمس وعشِية استئناف الحوار مع إدارة ترمب, إلى إطلاق صاروخين باليستيين, وصل أَحدهُما إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان... رجاءً لا تنسوا كوبا, فنزويلا وإيران.
محمد خروب