الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
عهود محسن - نجحت نقابة المعلمين عبر حراكها الاجتماعي الاقتصادي في صياغة مقدمات عقد اجتماعي جديد انتزعت خلاله اعترافاً رسمياً وشعبياً بقدرة مؤسسات المجتمع المدني على صياغة وتأطير الحراكات المهنية والعمالية بعيداً عمن اختطفوا كلمة الشارع في المرات السابقة.
للمرة الأولى في تاريخ البلاد يخرج نحو مئة ألف ويزيد من المعلمين على ثقافة التبعية المجتمعية "حط راسك بين الروس" مصرين على تلبية مطالبهم كاملة غير منقوصة بالاعتذار ثم العلاوة في خطوة نادرة من الإنضباط والوضوح وصلابة الموقف.
رغم اعتلاء العديد من أصحاب الألسن المتلونة بالمصالح والغايات لمنابر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي للنيل من المعلمين وإضعاف إجماعهم وتأليب الشارع ضدهم بحجة إضاعة العام الدراسي على الطلبة وتحدي الدولة تمكنت نقابة المعلمين من تغيير الكثير في البنية الفكرية للمجتمع وأطاحت بأفكار متكلسة منذ عشرات السنين.
خرج الإعلام في مرات كثيرة عن منهج الحق وأخلاقيات العمل الصحفي وجانب الحيادية والموضوعية في تغطياته لإضراب المعلمين وحاول البعض استغلال منابر الإعلام المختلفة والإنقياد خلف طرف على حساب الآخر غير مدركين لحساسية المرحلة وما تمر به البلاد من تحولات على مختلف الصُعد ودور الإعلام في كتابة تاريخ الوطن.
لا يمكن قراءة إضراب المعلمين بعيداً عن محيطة الحيوي الذي أعاد النقابات المهنية لتأخذ دورها المحوري في الحالة السياسية الأردنية، وأخرجها من مرحلة التقوقع على الذات المحصور بأعضائها ليعيدها لمكانها الطليعي في صياغة الحراك الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي في المستقبل القريب وهو ما سيلقي بظله الثقيل على عقل الدولة وصانعي قرارها.
ليست النقابات وحدها من كانت هدفاً للتغيير في نهوض المعلم فالسلطة التشريعية كانت جزءاً من الهدف، بيد أنها كانت الحلقة الأكثر ضعفاً وتجاوزها الجميع في مراحل كثيرة وذهبوا للتفاوض مع السلطة التنفيذية مباشرةً متناسين أن النواب ممثلي الشعب المنتخبين،مع الاعتراف بوجود بعض التدخلات النيابية في الأزمة بصورة شخصية وهذة نتيجة حتمية للإضعاف المتعمد لمجلس النواب.
إضراب المعلمين كشف هشاشة الكثيرين ممكن يتصدرون مشهد الحياة العامة وضحالة تفكيرهم في التعاطي مع الأزمات، والذي ظهر من خلال تقلب مواقفهم بين المعارضة والتأييد (التسحيج) بحسب المستجدات على الساحة ليبدأ برفض الإضراب ومطالبة المعلمين بالانصياع للقرار الحكومي ثم الانقلاب مع رياح الأغلبية بانتصار الوطن مع انتصار المعلم.
هؤولاء جميعاً ومن لف لفهم لا يمكن البناء على مواقفهم أو اعتبارها مواقف حقيقية للشارع الأردني فالأردنيون جميعاً لا يختلفون على حق المعلمين وغيرهم من الموظفين الحكوميين بالمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية إلا أن البعض رفض فكرة الإضراب وحرمان الطلبة العودة لمقاعدهم الدجراسية من باب سمو الحق في التعليم على حق المطالبة بالعلاوة وهذه وجهة نظرهم وعلينا احترامها طالما أنهم لم يفرضوها على الآخرين، وإن كان صوت الأغلبية #مع_المعلم.
الدولة اليوم مطالبة بإعادة صياغة مفاهيمها وخطابها مع الشارع لتعود الأمور لنصابها فقد أثبتت لغة التهديد والوعيد وفزاعات التخويف من العبث بأمن الوطن فشلها في كسر إرادة المواطن في مطالبته السلمية المشروعة بحقوقة وهو ما يؤسس لغد أكثر أملاً بالحرية والعيش الكريم على تراب وطني.