الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم - صالح ارشيدات
يسود الغموض لدى المحللين السياسيين في تفسير خفايا اهداف الحملة التركية الاخيرة نبع السلام على شمال سوريا، في الوقت الذي انتهت فيه المعركة الكبرى وانتصر فيها حلفاء سوريا، روسيا وايران (ولاحقا انضمت تركيا اليهم) على المليشيات الارهابية وداعميها وافشلوا مؤامرة تقسيم سوريا واكتفت الولايات المتحدة بوجود عسكري متواضع على الارض السورية ودعم جوي فعال لتقديم الدعم لمليشيات قسد الكردية(وحدات حماية الشعب الكردي) حيث ادعت الولايات المتحدة انها قضت على تنظيم داعش الارهابي وان مهمتها انتهت في الاقليم مع بقاء قاعدة اميركية في منطقة النتف على الحدود الاردنية السورية العراقية، حيث تقوم قوات تنظيم قسد حليف واشنطن بإدارة حقول النفط والغاز المتعددة في منطقة الحسكة شمال شرق سوريا.
و السؤال هو: هل عملية نبع السلام التركية والتي خطط لها لسنوات هي عملية لملء الفراغ الذي حصل بعد اعلان اميركا الرغبة بالانسحاب من سوريا تدريجيا من خلال اعلان تركيا عن معاقبة القوات الكردية المعادية قسد وتجريدها سلاحها الثقيل والكيماوي، ام انها محاولة غربية عميقة لزج ولإيقاع تركيا في فخ المجهول وخصوصا اذا صدرت بحقها عقوبات اقتصادية دولية كبرى.
تبين من الرسائل بين الرئيسين ترمب واردوغان بتاريخ 9/10 ان ضوءا اخضر قد خرج من الرئيس ترمب ولكنه مشروط بعدم المبالغة الدموية والغلو بقوة الحملة كما ان روسيا وايران غضتا الطرف عن تهديدات تركيا بالحملة العسكرية رغم تحذيرهما المسبق بعدم التعرض لوحدة الاراضي السورية.
تعدد موقف اللاعبين العالميين في مدخلات التدخل العسكري مباشرة او من وراء الستار واصبحت اهداف الموضوع شبه غامضة كمعادلة رياضية بخمسة مجاهيل مع وجود قوة كبرى (كأميركا) تنسحب جزئيا من الاراضي المستهدفة ولكنها تتدخل لاحقا بعد اسبوع لوقف الحملة العسكرية التركية واعتبار ذلك انتصارا لإدارة الرئيس ترمب.
الخاسرون والرابحون من الانسحاب الاميركي!
الخاسر الاكبر حسب محللين رغم توسط ونجاح الرئيس ترمب الاخير لوقف الحملة العسكرية، هو موقف الولايات المتحدة الاستراتيجي بانسحابها من سوريا دون ترتيب مع اوروبا وروسيا مثلا و جاء قرارها بالانسحاب متضاربا بين اداراتها السياسية المختلفة وخصوصا البرلمان واربك قرارها حلفاءها الاوروبيين وحلف الناتو.
الرئيس ترمب يهدد بالعقوبات على الرئيس والاقتصاد التركي ثم يتراجع وقد يكون للرئيس ترمب أهداف جانبية شخصية مثل اختطاف ازمة ملف ايران النووي او مشهد سباق الانتخابات الرئاسية او الابتعاد عن ملف حملة البرلمان لعزله.
والخاسر الاخر هو الموقف الكردي القومي الوطني الذي تخلت اميركا عن دعمه مرحليا والذي يسعى جاهدا لتحقيق حلمه التاريخي في انشاء دولة كردية في الاقليم منذ اتفاقية سيفر عام 920 دون برنامج عالمي داعم وبيئة حاضنة للمشروع الكردي الذي يلاقي تعاطفا دوليا واوروبيا بسبب وجود الاكراد في اربع دول متجاورة ترفض دولهم استقلالهم عنها ما عدا العراق وتتوحد كلها في محاربتهم رغم خلافاتها.
والخاسر الاخر هو الموقف الاوروبي المعبر عنه من خلال الاتحاد الاوروبي وهو ادانة وعقوبات وحظر الاسلحة على تركيا وخلاف واضح مع الموقف الاميركي بشكل عام ولكنه يؤيد فرض عقوبات كبرى على حملة تركيا والخاسر الاخر هو حلف الناتو الاستراتيجي الذي تنضم اليه تركيا بقوة وتشكل عموده الفقري فهو لا يشارك بالحرب حسب ميثاقه العميق وهناك حديث عن نقل قاعدة انجر ليك الاستراتيجية من تركيا بعد خلاف تركيا مع عضو الناتو المانيا.