الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    «الباص السريع» واختبار صبر العمّانيين!

    لم أقد سيارة في عمّان منذ فترة لسبب معيشتي خارجها، وحين إضررت إلى ذلك أمس، سرعان ما وجدتُ نفسي داخل مصيدة لا حلّ لها سوى اختبار إحساسي الطبيعي بالاتجاهات، ووضع سيارتي بين السيارات وكأنّني أقول: «ضع رأسك بين الرؤوس وقُل يا قطّاع الرؤوس»، ونسيت أمر موعدي فاعتذرت عنه، وبدأت معركة العودة إلى المنزل!

    الطرق التي أعرفها باتجاهين، صارت باتجاه واحد، مع أنّ الفاصل بينهما ما زال موجوداً، والفرعية صارت رئيسية، والعكس صحيح، والاشارات الضوئية المنظّمة معطّلة، وشرطيو السير حائرون في التنظيم، وتكون في لحظة متوجّهاً نحو الشرق، فتجد نفسك فُجأة في طريق معاكس لتبدأ بعد قليل إعادة تصويب إتّجاهاتك، وجهاتك الجغرافية!

    قال لي أحد الأصدقاء إنّه إذا كان للباص السريع من فضيلة فهو تعليم العمّانيين على الصبر، وظننته يُبالغ باعتباري أعيش خارج العاصمة، ولكنّه كان محقّاً تماماً، فالتنقّل صار إختباراً حقيقياً لصبر الناس وقبولهم على مضض بإجراء عملية جراحية شاملة كاملة، في جسد مدينتهم، وهم لا يعرفون أصلاً نسبة النجاح فيها.

    نحن متّهمون من المسؤولين دائماً بأنّنا شكّاؤون بكّاؤون، بمناسبة وبدون مناسبة، ولكنّنا نستمع في كلّ المجالس ومن كلّ الناس، إلى التشكيك في أنّ المشروع الذي بدأ منذ سنوات وتوقّف، ثمّ عاد بزخم لم نتعوّد عليه، سينجح في حلّ مصائب السير والتنقّل، وكان بالامكان أبدع ممّا كان.

    على العمّانيين أن يختبروا الفرضيات الرسمية، والتشكيكات الشعبية، بعد سنتين، وأعانهم الله على تلك الفترة الطويلة الصعبة، وألهمهم بالصبر، وخصوصاً أنّنا مقبلون على فصل شتاء نتمنى أن يمتلئ بالأمطار للشرب والزراعة، وفي الوقت نفسه نتمنى ألاّ تمتلئ حفريات «الباص السريع» بالماء، لتزيد الطين بلّة، ونكتشف بعد كتابة المقالة إنّ هناك توجّهاً لمشروع المترو بعد الباص السريع، وهكذا فأنتم أيّها العمّانيون أمام سنوات وسنوات وسنوات من الصبر الذي لا حدود له، وللحديث بقية!





    [31-10-2019 08:24 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع