الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    التعديل الوزاري: مشروع إصلاح .. أم مناسبة اجتماعية؟

    قبل الدخول في مسألة التعديلات الحكومية وما إذا كانت مشاريع إصلاح حقيقية، أم غير ذلك، لا بد من التعريج على ما يراه الشارع في مسألة التوزير عموما.

    فالإحساس العام أنه لا توجد مواصفة مرجعية يمكن العودة إليها في اختيار الوزراء. فالكثير ممن يتم توزيرهم لا أحد يعرف لماذا جيء بهم، وما هي نقاط التميز التي دفعت بهم إلى هذا الموقع. وفي لحظة لاحقة لا أحد يعرف لماذا تم إخراجهم في التعديل الحكومي.

    وطبقا لتلك الفرضية، تشهد حكوماتنا الكثير من عمليات التعديل، والتي يراها البعض محاولات تجميل للحكومة قد تنجح، وقد تأتي بنتائج عكسية، أو بـ«أعراض جانبية»، تؤثر سلبا على مستوى الأداء.

    ويبدو أن تلك الحالة التي لم تعد خلافية قد أسست لما يسميه البعض عملية «الاستيزار»، ذلك أن غياب المواصفات لمن يفترض أن يتولى المنصب دفع بالكثير من أصحاب الإمكانات المتواضعة سياسيا وإداريا إلى الاعتقاد بأنهم قادرون على إشغال الموقع. وتقديم أنفسهم من كافة البوابات المتاحة، واغلبها بوابات علاقات اجتماعية أو «عامة».

    بالطبع، لا أحد يمكنه إنكار البعد السياسي في عمليات التعديل، حيث يسعى رئيس الوزراء إلى تجويد أداء حكومته، وسد الثغرات التي تكشفت خلال العمل، وتصويب بعض الأخطاء في عمليات الاختيار. غير أن الكثير من الرؤساء يقعون في المحظور أثناء التعديل، فيختارون بنفس الأساليب التي اعتمدوها في التشكيل وفي التعديلات السابقة.

    والسبب في ذلك أن معظمهم يلجأون إلى العوامل الشخصية في الاختيار، أو أنهم يخضعون لضغوطات أو محاولات إقناع لتوزير شخصيات يتبين لاحقا أنهم ليسوا بالمستوى المطلوب.

    هؤلاء قد يختلفون في اجتهاداتهم وقناعاتهم عن بقية الفريق الذي يحرص الرئيس على إظهاره كفريق متجانس، خلافا للحقيقة التي يراها رجل الشارع، وبخاصة من قبل الذين يصنفون كعابرين للحكومات، والذين يتنقلون من وزارة إلى أخرى رغم عدم علمهم بتفاصيل القطاع الذي يشغلونه. أو الذين يعمرون في موقع واحد لسنوات طويلة دون أن يسجل لهم إنجاز واحد في اختراق ما يعانيه قطاعهم من إشكاليات متجذرة.

    هنا، وفي ضوء غياب الأحزاب السياسية الفاعلة، والإرادة السياسية لتفعيل العمل الحزبي وصولا إلى الحكومات الحزبية، لا بد من التذكير بأهمية تقليص الهوامش الشخصية في عمليات التوزير. وقد يكون ذلك من خلال إنشاء «بنك للكفاءات»، وبحيث تتولى جهة مرجعية محايدة رصد أسماء ومؤهلات وخبرات وتجارب الأشخاص الذين يعتقد أنهم مؤهلون للمناصب المتقدمة، وبحيث يمكن للرئيس المكلف الحصول على المعلومات الكافية التي تمكنه من اختيار فريقه. بدلا من الاعتماد على التوصيات الفردية والاختيار العائلي والذي يمكن أن يتحول إلى «شللي» في بعض الأحيان.

    بكل الأحوال، ونحن على مشارف التعديل الرابع للحكومة نتمنى أن يوفق الرئيس في تجاوز تلك السلبيات وصولا إلى فريق قادر على القيام بالمهمة.





    [05-11-2019 08:36 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع