الرئيسية كواليس
أحداث اليوم - أحمد الملكاوي - ما أنّ دقت الساعة العاشرة أجراسها ليلة التاسع من نوفيمبر عام ٢٠٠٥ حتى دخلت البلاد مرحلة جديدة لم تعرفها سابقا ولم تعتد عليها.
٣ تفجيرات إرهابية تستهدف فنادق بعمان لتقتل ٦٠ مدنيا وتصيب أكثر من ٢٠٠ آخرين.
أنذر هجوم الفنادق الثلاث في عمّان الأجهزة الامنية بعدم وجود خطة أمنية محكمة للتصدي لهذه الهجمات وتوقعها والتنسيق للتخابر الصحيح عن ما قد يسبقها من إرهاصات وحوادث بسيطة تنجي البلاد قبل ساعة الصفر، حتى رفع الأردنيون في كافة المحافظات الشارات السوداء حداداً على المتوفين وإعلان دخول البلاد موجة جديدة وحرباً لم تكن بالحسبان للشعب على عدو أسموه الـ"الإرهاب"
كانت تفجيرات عمّان مسلسلاً يكتب للمرة الأولى في الأردن شاهده الشعب على المدنيين قبل العسكريين الذين أحبطوا عشرات المخططات التي تحاول تأريق البلاد ووإدخالها في ازمة كما أدخل من حولها.
وعزا مراقبون ومحللون أسباب الاعتداءات التي لحقت بالأردن آخر خمس سنين أيضاً إلى عدم وضع خطة أمنية واضحة وسليمة تبتعد عن ما سمي بالقبضة الأمنية و توقف الهجوم الفكري والعسكري قبل وقوع "الفأس بالرأس".
أكد المحلل الأمني محمد الدباس أنّ المبدأ الذي سبق حادثة تفجيرات عمّان لم يعتمد على التفكيري الاستباقي للحادثة والذي لم يفكر به الأمنيون لعدم وقوع هجوم كبير أو بوادر للمخططات التي تبنتها القاعدة في تلك الآونة بمختلف دول المنطقة، رغم وضوح المسألة على ذلك وإعلان بعض الجماعات خطط تمديد أفكارها الإرهابية للأردن ما أوجب على الإدارات الأمنية وضع نفسها مكان المخرب واحتمال أسوء ما قد يحدث في البلاد من تخريب أمني لوضع الخطط المناسبة لذلك.
وقال لـ"أحداث اليوم" إن الاعتماد الأساسي في الخطط الأمنية بالأردن يقوم على الدروس المستفادة لما بعد الحادثة وهو ما يوقع البلاد في حادثة جديدة تختلف عن ما قبلها، والأصح من ذلك هو دراسة كافة الظروف التي قد تواجه المنطقة والهجومات الإرهابية بحكم خصوصية كل حادثة عن الأخرى كالبقعة والسلط والركبان وغيرها لتوقع الأخرى التي ربما تليها.
وأشار الدباس إلى حاجة البلاد دراسة الخطط وتوقع حدوث الأزمات بتفعيل الدور الاستخباري الصحيح، دون العمل بمسمى الدولة"البوليسية" موضحا أن مصطلح "الاستخباري" يقوم على جمع المعلومات لكافة الأشخاص المشتبه بهم ورصد كل التحركات وتحليلها بما فيها الجمعيات والمنظمات والمؤسسات المختلفة والأفراد.
وبين أن ماحدث لا يعيب الأجهزة الأمنية الأردنية الّا أنّه بات من الضروري الرؤية من منظور "المخرب" وأن نضع أنفسنا مكانه للتفكير في ما قد يحدث التخريب الناجم عن الهجومات الإرهابية المختلفة ومحاولة القضاء على خططها قبل الحدوث.
من جهته أكدّ وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق محمد المومني أنّ الخطر الإرهابي لم ينته تجاه الأردن بعد وقد "انتقلنا من الصراع العسكري للمواجهة الأمنية المستمرة المواجهة الفكرية الممتدة" في وقت يعمل الأردن فيه للقضاء على الفكر الإرهابي من خلال رؤيته وجبهتيه العسكرية والأمنية والخطة الإعلامية للقضاء على الفكر الأرهابي.
وقال لـ"أحداث اليوم" إنه من الضرورة التأكد من الخطة الحكومية لمواجهة الفكر الإرهابي وتطبيقها بفعالية وبشكل مستمر وشامل والتي تتمثل بمتابعة مستمرة للأفراد الذي يجنحون تحت ظل الفكر الإرهابي والشبكات المماثلة لتنظيم داعش..
وأوضح المومني أن القانون الأردني منع استخدام منصات التواصل الاجتماعي لبث الأفكار المتطرفة ما يوجه الحكومات لوجوب التعامل مع القانون بحزم شديد لدرء هذه الاستخدامات التي قد توقع البلاد في حوادث جديدة نحن بغنى عنها.
وكشف المحلل الأمني والعسكري اللواء المتقاعد فهد الكساسبة أنّ الخطط الأمنية لم تكن على قدر التحديات التي تجابه المنطقة في الوقت الحالي ما أسفر عن عدة هجمات إرهابية أوقعت عشرات الشهداء من العسكريين والمدنيين بدأت بحادثة تفجيرات عمّان عام 2005.
وقال لـ"احداث اليوم" إنّ المجتمع والحكومات ينجران إلى المشكلات الصغيرة على حساب الكبرى التي تهدد أمن البلاد، سواء اكانت من داخل الأردن أو خارجه ما أوصلنا إلى أنّ نكون غير قادرين على محاربة الفكر المتطرف ووقفه.
وأشار إلى ضرورة وجود خطة شمولية للتوعية ووقف مد الأفكار وما يسبقها من إصلاح اقتصادي واحتماعي يؤرق الشعب الاردني الذي بات يتأثر بذلك.
وأوضح الكساسبة أن هناك فجوة كبيرة بين الشعب والحكومة جعلت بعض الأشخاص يستجيبون لهذه الفئات التي تفقد المصداقية في الدولة، مشددا على أنّ الأجهزة الأمنية قادرة على تصدي الهجمات والعمليات الإرهابية الّا أنّ كافة الإدارات لا تستطيع ضبط الخطط كما يجب.
ربما كان عام 2016 االأصعب على البلاد بعد تفجيرات عمّان عام 2005 لتسجل 4 عمليات إرهابية أسفرت جميعها عن شهداء في صفوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية البلاد تنوعت بين إطلاق النار أو التفجير للتهرب من الأجهزة الأمنية أثناء محاولتها فك خلايا بعض الجماعات.
بدأ مسلسل الخلايا داخل المجتمع الأردني خلال عام 2016 بخلية اربد في آذار والتي راح ضحيتها الشهيد راشد الزيود من مرتبات العمليات الخاصة تلاها في حزيران هجوم أحد المسلحين على مركز مخابرات البقعة أسفر عن 5 شهداء من صفوف الدائرة، لتطال يد الهجمات 6 عسكريين في منطقة الركبان خلال الشهر ذاته بعد اقتحام سيارة مفخخة خط الحدود اختتمها العام المشؤوم بهجوم قلعة الكرك الذي بدأ من القطرانة وأسفر عن 7 شهداء في صفوف الأجهزة الأمنية.
عام 2018 عادت الأردن لتسجل حزناً جديداً أثناء تفكيك خلية نقب الدبور في مدينة السلط أسفرت عن استشهاد 4 من صفوف الأمن والجيش بعد يومين على استشهاد 2 من مرتبات الأجهزة الامنية بتفجير سيارة قرب مدينة الفحيص.
حادثة تفجيرات عمّان ما زالت جاثمة على صدور كافة الأردنيين الذين باتوا اليوم على استعداد لاستقبال أخبار الهجمات دون تلقي الصدمات الكبيرة بسبب عدم تعامل القبضة الأمنية التي ورغم قدرتها على الخروج من أزمات الخلايا إلا أنها تفتقر للإدارة الحكومية السليمة.