الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    شِدّة - د. صلاح داود

    ماذا نفعل إن أصابتنا الشِدّة والألم؟ هل نقف مطمئنين أم نرمي بقلوبنا وعقولنا في مهب ريح المصائب؟ أم نفكر بصواب ونلتمس الحلول؟ هل يمكننا إنقاذ أنفسنا؟ أم نرمي بها من مكان سحيق؟

    العقل يوصي بالصبر والتجلد عند استقبال المحن، والمروءة والشرف من شيم مواجهة الشدائد والمصائب، وتذكر أن جميل العاقبة لا يكون إلا لمن أعد نفسه لاستقبال الأسوأ والأشد. والهرب منها لن يكون ذو عاقبة محمودة.

    انتزع دائما ما تبقى منك ولك من بعد الشدائد والمصائب، ولا تعش من خوفك من الفقر في مسغبة ولا تعش من خوفك من الذل في هوان وظلام.

    الإنسان بطبعه متشائم وقد يظن البعض أن تعميمي ظالم.. ولكن هذه هي صِبغة البشر.. فالشيطان والنفس اتحدا ضدنا ليشوهوا لنا المستقبل ويقبحول كل جميل ويقتلوا كل أمل.. فالحذر الحذر..

    كلُ مفقود وشدة يُعزى بها ويمكن تعويضها إلا مصيبة الدين والعقل فإن ضاعا أضاعا، ويذكر أحدهم عند مخاطبته لمن فقد عزيزا " بعد مصيبتك لا ننتظر منك إلا الفكر النير والرأي السديد"، وكلاهما من الدين والعقل.

    الغضب والهلع والحزن عند المصيبة والشدة يُفقِدُكَ ما يمكنك إنقاذه، بل يزيد حياتك تحطيما، وتبدأ معركة خاسرة أخرى مع القلق المرير الذي سيدمرك مرة أخرى ويقضي على ما تبقى لديك من حياة.

    وقد يعتقد البعض أن الدعوة هنا للتبلد لا للصبر.. وأن ننزع ما غرس الله في قلوبنا من طبيعة للإحساس والشعور، وأذكركم أن الصبر شعور سامٍ يخرجك من عبادة الحاجة والخوف والقلق.. والبلادة ثغرة في الإنسانية وثلمة في الإيمان ونزعة من الشيطان.

    الصبر عند الشدة يعني ألا تميل مع الريح، وألا تندهش من الكوارث، وأن يهوّن عليك إيمانك ما فقدت، وأن يكون عودك صلبا أمام تبدل الأيام وظُلمة الليالي وبؤس النعم والحوادث، وهنا تُخلق النفس الكريمة العظيمة.

    وقد تظنن أن الصبر هو اللامبالاة بما سيقع أو وقع، أو السخرية من الشدائد والمصائب، فاللامبالاة هي ضرب من الغباء لا يجب أن نتسلح بها.. فهي سيف من خشب سيكسر من أول ضربة.

    وقد يعتقد آخرون أن أكبر المصائب هو الموت، ولا يعلمون بل أنكروا أنه من الممكن أن يكون ما بعد الموت أصعب مما قبله بكثير نتيجة لانحرافهم وإنكارهم لعاقبة أعمالهم.. وهذا وهم وكفر بالحقائق وبناء على الخرافات.

    الإنسان يجب أن يكون حذرا طالبا للمروءة في كل أمر.. شر أم خير، فلا يهلع أو يسخط ولا يفرح بتمادٍ مذموم، بل يجب عليه أن يوازن ويواسط في كل مشاعره، فيجد للعزاء زمنا محدودا غير ممتد، كما هو زمن الفرح والنشوة فلا ينسيه ما هو آت بل يزيده إصرارا وعزما ليُقدم أمرا أفضل





    [11-12-2019 08:51 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع