الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن - أثارني خبر التهام ممثل لـ "لوحة" كاملة لثمرة موز مُلصقة على جدار كانت معروضة في أحد الجاليريهات في معرض "آرت بازل" بولاية ميامي الأميركية وتذكرت السياسة الاقتصادية لحكومتنا وكيفية إدارتها لملفات التحفيز الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
إعلانات الحكومة المتوالية مؤخراً حول رفع رواتب موظفيها العاملين والمتقاعدين في الجهازين الحكومي والعسكري والتي كان آخرها الخميس، خلال إطلاق رئيس الوزراء عمر الرزاز، للحزمة التحفيزية 3 تطرح الكثير الكثير من الأسئلة حول كيفية تعاطيها مع الملف الاقتصادي وحقيقة الأرقام التي استخدمتها في إعداد الموازنة العامة للدولة 2020 لأتخيلها كمن التهم اللوحة بعدما تحدث عن روعتها ولذتها.
الحكومة التي أعلنت موازنتها بعجز مالي يبلغ 1.247 مليار دينار أردني (نحو 1.759 مليار دولار) استبقت مواجهات محتملة مع مجلس النواب الذي ينافسها على تحسين صورته أمام الشارع بعد تراجع شعبيتهما معاً بسبب السياسات الاقتصادية للحكومة وعدم اتخاذ البرلمان لموقف مساند للمواطنين منها، تحاول الحديث عن جماليات المرحلة القادمة بإعلانات ترويجية لسياساتها المالية أملاً بإحداث دوران مالي يعود عليها بالنفع بتعزيز واردات الخزينة وتخفيف الضغط الشعبي خلال المرحلة الزمنية المتبقية لها لحين إجراء الانتخابات آيار القادم.
الزيادة التي أعلنتها الحكومة على رواتب العاملين في القطاع العام، قدرت بـ15% للفئة الأولى و20% للثانية والثالثة، وتساويها للمتقاعدين المدنيين بواقع 10 دنانير في حدها الأدنى إلى 80 دينارا في حدها الأعلى، بحيث يستفيد منها نحو 81 ألف متقاعد، لا يمكنها بأي حال من الأحوال النهوض بالاقتصاد الوطني أو معالجة الاختلالات والتشوهات التي يعانيها فهي تشكل جزء من منظومة اقتصادية يجب أن يتم التعامل معها ككل متكامل بتخفيض أسعار السلع وتخفيض الضريبة العامة للمبيعات باتجاه رفع ضريبة الدخل وفقاً لشرائح تصاعدية وتوجيه القطاع الخاص لزيادة رواتب العاملين.
الكادر الاقتصادي في الحكومة مطالب بإدراك خطورة المرحلة القادمة فالاقتصاد المحلي يعاني حالة انكشاف خطيرة لارتفاع العجز عن ملياري دينار بنسبة 6.4% من الناتج المحلي الإجمالي، تشكل ما يقارب 21% من مجمل الإنفاق العام إضافة لارتفاع خدمة الدين العام والتي تقترب من 13% من مجمل الإنفاق العام.
الأردن ضمن الأرقام والمعطيات للعامين الجاري والمقبل يسير بخطوات متأرجحة في الشق الاقتصادي الذي انعكس على الأمان الإجتماعي للكثير من الشرائح وهدد أمنها على مختلف الصُعد وفاقم الاحتجاجات والرفض لهذة السياسات التي أدت لتزايد الضغط على الأجور والرواتب، وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين وفشل خطط محاربة الفقر والبطالة التي توالي ارتفاعاتها بشكل مضطرد، ليبقى السؤال الأكثر حضوراً هل تأكل الحكومة موزتها وتبقينا في العراء ننظر للجدار.