الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن - تلجأ الحكومات في العادة لرفع الحد الأدنى للأجور كأحد الضمانات الإقتصادية والإجتماعية للإبقاء على مستوى مقبول للمواطنين يمكّنهم من تأمين حياة كريمة لأسرهم ومواجهة ارتفاعات تكاليف المعيشة، مع تراجع الطلب العام على استھلاك السلع والخدمات، ولزیادة الإسهام في رفع معدلات النمو الاقتصادي.
مع تزايد المطالبات برفع الحد الأدنى للأجور لتتوائم وحجم "الإرتفاع الفاحش" في الأسعار وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين، على الحكومة الإلتفات بشكل واضح وجلي لأهمية وضع حد أدنى للاجور يتناسب مع الأوضاع المعيشية ويطبق على كل القطاعات.
في الوقت الراھن أصبحت الزيادة للحد الأدنى للأجور ضرورة قصوى؛ إذ إنه متوقف منذ عامین عند مستوى منخفض يبلغ 220 دیناراً شھریاً، وھو ما لا یتلاءم مع مستویات غلاء المعیشة التي نشھدھا، خاصة وأن معدلات ارتفاع الاسعار خلال العامین الماضیین قاربت على نسبة 9%.
رداً على عدم وضوح الرؤيا حول خط الفقر في البلاد التي أرهقتها الضرائب والبطالة، وجب الدفع نحو إحداث بعض التعديلات على طريقة إحتساب الحد الأدنى لأجور العاملين وتغيير الأسس التي يتم وضعها، وتطبيق المادة 23 من الدستور، والتي تنص على "إعطاء العامل اجراً يتناسب مع ساعات عمله وكيفيته " آخذين بالإعتبار تكاليف المعيشة والتضخم وضعف واردات الخزينة.
ما لا يمكن إغفاله إقتصادياً أن رفع الحد الأدنى للأجور يمكنه المساهمة في وقف "تدفق شلال العمال الفقراء" الذين لا يخضعون لإحصائيات وأرقام المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي، حيث تشیر أرقام المؤسسة إلى أن ما یقارب 30% من العاملین في الأردن رواتبھم تقل عن 300 دیناراً شھریاً، مما يؤكد أنهم دون خط الفقر غير المعلن عنه من قبل الحكومة.
بالتوازي مع ما أعلنته الحكومة من سلسلة حزم التحفيز الإقتصادي - ورغم التحفظات الكثيرة على الجدوى منها - لابد أن تسير الأمور الإقتصادية في شق آخر للمساعدة في تحفيز الاقتصاد، بزيادة الحد الأدنى للأجور وتعزيز القدرات المالية للمواطنين لحمايتهم من تبعات التباطؤ الإقتصادي ولتسهيل الولوج للأعمال غير التقليدية لتحسین مستویات الأجور المتوسطة والمنخفضة، وبالتالي تحسین مستویات المعیشة، وتعزیز منظومة الحمایة الإجتماعیة من خلال تقليل أعداد الفقراء، وتقلیل التفاوت الإجتماعي بين المواطنين.
مع تراجع الأرقام الإقتصادية وتزايد حجم الضغوط على الأفراد والمؤسسات خصوصاً القطاع الخاص يجب على الحكومة الإنتباه إلى أن تجاهل مطالبات القوى العمالية والإقتصادية برفع الحد الأدنى للأجور لـ 300 دينار يجب أن يكون خياراً أساسياً للدولة، وأن لا يمرر كجزء من الحزم الإقتصادية التي تعلن عنها الحكومة، حتى لا يفقد مضمونه ويكتسب تأثيراً إيجابياً على الحياة الإجتماعية والسياسية للمواطنين ومدخولات الموازنة العامة للدولة التي لا تزال تتخذ من الضرائب والرسوم هدفاً لها.