الرئيسية مقالات واراء
للإنصاف، لا بد من الاعتراف بأن حكومة الدكتور الرزاز تحاول جادة «فكفكة» القضايا الوطنية الكبيرة أملا بحلها. وان هذا الأسلوب يمكن أن يكون الأكثر ملاءمة لأوضاع الدولة وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أوصلتنا لها حكومات سابقة.
وللإنصاف أيضا، لا بد من التأكيد على أن الحكومة لا تملك عصا سحرية لحل إشكالات متراكمة، تؤكد تفاصيلها أنها من صنع حكومات سابقة، تعاملت معها بأسلوب الترحيل، مستندة إلى قناعة بأنها لن تخضع للمساءلة. وأنها تمتلك الكثير من الذرائع للدفع بها في وجه من يحاول السؤال، ومنها الظروف الاقتصادية الصعبة، والكلفة الكبيرة.
يوم الثلاثاء، أعلنت الحكومة عن تفاصيل الحزمة الرابعة من إجراءات التحفيز الاقتصادي، وركزت على البعد الخدمي، وعرضت تصوراتها لحلول مشكلات النقل والصحة والتربية والتعليم. وهي أهم مشكلات تواجه المواطن، والتي لو تمكنت الحكومة من حلها لأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة.
لا أحد يستطيع التشكيك في نوايا الحكومة، فهي نوايا طيبة، تستند إلى رغبة عارمة في تقديم إنجازات تدخل من خلالها التاريخ، وتؤكد واقعية تسميتها بـ «حكومة النهضة». ولا يوجد أي أردني لا يتمنى لها النجاح والفلاح في كل ما تعلن عنه من تصورات ومشاريع وإجراءات تحفيزية أو خدمية.
غير أن الشارع يعيش حالة من الإحساس بأن ما تتحدث عنه الحكومة يمكن أن يكون أكبر بكثير من الإمكانات، وأنه يتقاطع مع الواقع. فالحكومة تنطلق من معطيات يراها المواطن غير واقعية، ويبني تفاؤله بحدود تلك القناعة، وصولا الى نتائج ليست بالمستوى المأمول.
على سبيل المثال، لا يوجد من يسلم بأن التامين الصحي الشامل سيتحقق وفقا للتصورات الحكومية وخلال ثلاثة أو أربعة أعوام. ليس بسبب انعدام الثقة بالحكومات المتعاقبة فقط، وإنما للإحساس بعدم دقة المعلومات التي عرضتها الحكومة كأساس لبناء المشروع الطموح. فلا البنية التحتية للقطاع الصحي الحكومي مطابقة لما تقوله وزارة الصحة، ولا أدوات الإدارة قادرة على التعاطي السليم مع المقدرات المتاحة. ولا المشاريع الجديدة ـ وبعضها مجرد تحديث لمشاريع قائمة ـ قادرة على تغطية النقص في تلك الخدمة.
من الأمثلة على ذلك، ما تم الكشف عنه من أن نفقات الدولة على القطاع الصحي تفوق ـ من حيث النسبة الى الناتج الإجمالي ـ ما تنفقه دول متقدمة. فذلك يعني الإشكالية قد لا تكون نقصا في السيولة بقدر ما هي مشكلة إدارية، و«سوء في التخصيص».
وفي قطاع التربية والتعليم، مهم جدا سعي الحكومة لإلزامية التعليم في الروضة، لكن الأهم منه إحداث مدارس وتوفير كوادر، وتغطية التعليم للاجئين خارج البنية التحتية غير الكافية للطلبة الأردنيين.
اما في النقل فمع أهمية قطاع النقل المدرسي، هناك إحساس بأن الإشكالية أكبر بكثير من كافة العناصر التي جرى الحديث عنها.
ومع ذلك فإننا نتمنى أن توفق الحكومة في مسعاها. وأن تكون المشاريع بمثل تلك البساطة.