لم تكن سنة 2019 عاديّة مُقارنة بالأعوام السابقة، فقد تطوّرت مَطالب العاملين في مُختلف مؤسسات القطاع العام إلى حِراك اقتصاديّ واضح المَطالب والاتجاهات كما حصل مع إضراب المُعلمين الذين غلفت العلاوة اتجاههم ووحدة موقفهم بعيداً عن السياسة.

ما حصل في السنوات السابقة من ضغوطات معيشيّة كبيرة على المواطنين تُرجم في سنة 2019 بالحِراك الاقتصاديّ لفئات عديدة، جعل الحُكومة في النهاية تستجيب لهذه المطالب بشكل نسبيّ بعد أن وافقت على جميع مطالب المعلمين، فقامت بزيادة العلاوات والرواتب لِكافة العاملين في القطاع العام وتحسين علاوة مُنتسبي مختلف النقابات في محاولة جزئية لامتصاص استياء الشّارع من السياسات الاقتصاديّة الانكماشيّة التي اعتمدت في النهاية على زيادات الأسعار والضرائب دون أن يكون هناك إصلاح اقتصاديّ حقيقيّ في هيكل الاقتصاد الوطنيّ.

سنة 2019 لم تختلف كثيراً عن سابقتها 2018 في النُمُوّ المستهدف، فتقريباً هو ذات النُمُوّ الضعيف المُتحقّق والذي لا يتجاوز الـ 2 في المئة، مما يؤكد أن برامج التصحيح المعمول بها مع صندوق النقد هي برامج ماليّة بحتة لم تشمل مسألة النُمُوّ.

ميزانية 2019 عانت الكثير من التجاوزات عن المُقدّر لدرجة أن بعض المؤشرات تضاعفت سلباً مثل ما حدث في العجز الذي ارتفع من 646 مليون دينار إلى 1,215 مليار دينار، وتراجعت نسبة تغطية الإيرادات المحليّة للنفقات العامة إلى 77,7 في المئة بعد أن كانت مُقدّرة بحوالي 86,5 في المئة.

طبعاً التطوّر السلبيّ الذي شهدته الموازنة في سنة 2019 هو تراجع الإيرادات بأكثر من 700 مليون دينار عن المُقدّر نتيجة تنامي أعمال التهريب خاصة من الدخان إضافة لتراجع المستوردات وبالتالي تراجع التحصيلات عليها، وتباطؤ الاقتصاد مما أدى إلى تراجع ضريبة المبيعات والاستهلاك الخاص.

الأمر السلبيّ الآخر في سنة 2019 هو تنامي المديونيّة وتجاوزها بالأرقام المطلقة 30 مليار دينار، وهو الأمر الناتج أساساً عن تتامي العجز بسبب زيادة الإنفاق وتراجع الإيرادات، وهو ما يتطلب من الحُكومة أن تعيد النظر بِكُلّ خططها باتجاه المديونيّة والعمل على ضبط نُمُوّها بالشكل الحاصل الآن من خلال الخطط والإجراءات الاقتصاديّة الهادفة أولا ًوأخيراً إلى استعادة الاقتصاد الوطنيّ لوتيرة النُمُوّ الاقتصاديّ.

سنة 2019 سنة التباطؤ الاقتصاديّ ومخالفة التقدّيرات الإحصائيّة للأرقام الفعليّة المتحقّقة على ارض الواقع، مما جعل الحُكومة وصندوق النقد الدوليّ يعلقوا المراجعة الثالثة للبرنامج المعمول به حاليا والبدء بمفاوضات جديدة لبرنامج جديد في الربع الأول من العام المُقبل.

2018 ستمضي بِكُلّ تحدّياتها وواقعها الاقتصاديّ المؤلم، والكُلّ ينظر للعام الجديد من زاوية عدم تكرار الأخطاء السابقة وأخذ الدروس والعبر مما حصل في السنوات الأخيرة، فلا نملك ترف الوقت لمحاولات التجريب.

[29-12-2019 08:11 AM]