الرئيسية مقالات واراء
في العام 2020 تبدأ عملية التطبيق الفعلي لقانون ضريبة الدخل. وبصورة أكثر دقة، تبدأ عملية التحصيل عن سنة 2019، والحكم على مدى نجاعة القانون فيما يخص الإيرادات الضريبية.
التفاؤل يسود مختلف الأوساط بأن مردود القانون سيكون أفضل وأكثر عدالة من السنوات السابقة. بينما يرى بعض الخبراء أن تطبيقات القانون ستحد من حالة التفاؤل تلك.
في هذا الصدد هناك من يحاكم القانون من خلال بعض مضامينه، وتحديداً ما يعتقد أنه إجراءات وضوابط لا تعطي ميزات كافية لتشجيع الاستثمار.
غير أن الكثير ممن يناقشون التفاصيل يتوقفون عند ظاهرة التهرب الضريبي، والتي يسود اعتقاد بوجود الكثير من الثغرات التي يستطيع المتهرب النفاذ منها. إضافة إلى ما يصفه آخرون بأنه نوع من «الضعف» الذي يشجع على حالات تهرب أساسية وكبيرة، تفرغ القانون من مضمونه.
في هذا السياق يتوقف البعض عند نظام «الفوترة»، الذي كان ثابتا أساسيا من ثوابت القانون، قبل أن يتم استثناء بعض الجهات من تطبيقاته، وقبل أن تعلن جهات أخرى رفضها الالتزام بأحكامه.
فقد جرت معالجة نظام الفوترة أكثر من مرة، وكانت النتيجة أن اتسعت دائرة التحلل من أحكامه، واستفادت أطراف أخرى من المبررات التي اعتمدت لإعفاء شرائح أو فئات مهنية من ذلك النظام، رغم ضعف الحجة المعتمدة، وعدم منطقيتها. ورغم وضوح الصورة أمام كل مدقق في المشهد بأن الاستثناء في نظام الفوترة لتلك الشرائح أو المهن يعني فتح بوابات التهرب على مصراعيها.
لن أسمي تلك المهن، ولن أشير إلى تلك الشرائح، ولا إلى المبررات والذرائع التي سيقت لطلب الاستثناء، لكنني أنقل قناعة قطاعات واسعة من المتابعين بأن القرار الذي توزع ما بين النص على الإعفاء، أو غض النظر عن إلزام البعض بـ «الفوترة» كان قرار مجاملة، تم تلبيسه «اللبوس الإنساني». مع أن العامل الإنساني المقدر في تلك القطاعات لا يتقاطع مع العامل المادي في مجال الحسابات.
فالأساس في الفاتورة هو المبلغ المدفوع وليس التفاصيل التي تم التفاوض حولها بين طرفي المعادلة، والتي استغلت في الوصول إلى التحلل من التزاماتها المالية، واعتماد عنصر الثقة الشخصية بديلا للتوثيق والحسابات الدقيقة التي يحتاجها القانون ليس من قبيل التشكيك بالذمم، وإنما من أجل دقة التعامل وضبطه.
هنا، وخلافاً للاستثناءات التي نص عليها القانون، والمتعلقة بحدود التسجيل الضريبي، أرى أنه لا بد من النص على إلزام جميع مقدمي الخدمة، والمؤسسات التجارية والصناعية والإنتاجية باعتماد نظام الفوترة. وأن تعتمد الإعفاءات طبقاً لمخرجات ذلك النظام. وأن يكون لنظام الفوترة ضوابط ومواصفات محددة، خاضعة للتدقيق، والرقابة، وأن تفرض مخالفات على من يخالف تلك الضوابط وأن لا تكون هناك أية استثناءات.
بدون ذلك ستكون الحكومة المتهم الرئيس بتشجيع التهرب الضريبي.