الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن - في الوقت الذي إعتبر فيه وزير العمل نضال البطاينة تحديد قيمة 280 ديناراً كحد أدنى للأجور، "رقم فلكي" بالنسبة للصناعيين، يترقب عاملون في مختلف القطاعات الجدل الدائر حول الرقم النهائي الذي سيتم التوافق عليه لرفع الحد الأدنى للأجور باعتباره أحد ضمانات حماية العاملين وخصوصاً الداخلون حديثاً لسوق العمل من الفقر والإستغلال، وليس تحديداً لقيمة ما يمنح من رواتب للموظفين والعاملين كما يجري على أرض الواقع.
مع استمرار "تآكل الدخول" وبقائها أقل من الحدود الدنيا المقبوله لتأمين حياة كريمة للمواطن والمقيم على الأراضي الأردنية، أصبح من الضروري والمُلح جداً زيادته بشكل ملموس وواضح، ينعكس إيجاباً على القدرات الشرائية للمستهلكين، خاصة وأن معدلات ارتفاع الأسعار خلال العامین الماضیین قاربت على نسبة 9%، كما تشير أرقام المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي للعام 2018 إلى أن ما يقارب ثلثي العاملين في الأردن رواتبهم الشهرية تقل عن 500 دينار.
منذ نحو ثلاث سنوات توقفت مؤشرات الإرتفاع للحد الأدنى للأجور عند (220) ديناراً شهرياً، وهو مبلغ يقل عن نصف خط الفقر المطلق للأسرة، بحسب المؤشرات الحكومية، ولا يتلائم مع حجم الإرتفاعات المتوالية للضرائب والرسوم وتكاليف الحياة اليومية التي صعدت لمستويات كبيرة زادت من رقعة الفقر في البلاد التي أعلنتها في وقت سابق وقدرتها ب 15.7%.
الوزير البطاينة أكد خلال استضافته عبر برنامج "صوت المملكة" رغبة العمال بزيادة الحد الأدنى للأجور، وأن الحكومة تريد مصلحة عامة، وتحرص عند زيادة الحد الأدنى على تنافسية القطاعات، وأن هناك قطاعات تتحمل الزيادة، وقطاعات أخرى تقول إنها لا تتحملها".
من المعروف وبحسب آراء لمختصين بالشأن العمالي مثل مدير المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، أن الحد الأدنى للأجور وزيادته بشكل منتظم ليتوائم مع مستويات المعيشة المتغيرة يسهم في تعزيز منظومة الحماية الإجتماعية ومكافحة الفقر والتقليل من مستويات التفاوت الإجتماعي (اللامساواة الإقتصادية)، إلى جانب تقليله لأعداد العاملين الفقراء في الأردن، كما أن له دوراً أساسياً في تحفيز الإقتصاد، وزيادة الطلب المحلي الكلي على السلع والخدمات، ويحرك عجلة الاقتصاد جراء ذلك.
الحديث الدائر بين جنبات وزارة العمل والغرف الصناعية وأصحاب العمل يبتعد في صورته الحالية عن ربط الواقع بالمأمول ويظهر كما لو أن الحكومة تصطف مع أصحاب العمل والصناعيين بإغفالها لأهمية رفع الحد الأدنى وتأثيراته على الحركة الإقتصادية للبلاد ودخول رأس المال في مرحلة تفعيل القطاعات المتعددة وضخ مزيد من السيولة في السوق بحجة ضخامة الرقم الذي يطالب به العمال والنشطاء العماليون والإجتماعيون والإقتصاديون.
ومما لا يمكن السير للأمام دونه في حزم التحفيز الإقتصادي الأربعة التي طرحتها الحكومة لتحقيق أهداف النهضة، إعلان أرقام ومؤشرات الفقر الحقيقية للمسح الذي أجرته الحكومة مؤخراً نظراً لإرتباطه بمستويات الدخل وتوزيع نسب البطالة ووضع الحد الأدنى للأجور بناءً على ذلك لتصحيح مسار العملية الإقتصادية للبلاد التي أنهكتها المديونية والبطالة والفقر.