الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    استقالة الحكومة بعد حل مجلس النواب - ليث نصراوين

    أسفرت التعديلات الدستورية لعام 2011 عن إضافة حكم جديد للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث ألزمت المادة (74/2) الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها أن تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، على أن يحظر على رئيسها تشكيل الحكومة التي تليها. وبتطبيق هذا النص الدستوري، فإنه يتعين على حكومة الدكتور عمر الرزاز أن تستقيل بعد صدور الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب الثامن عشر، وذلك بصرف النظر ما إذا كان الحل قد صدر بقرار من الملك «الحل الرئاسي»، أو بناء على تنسيب من مجلس الوزراء.

    إن هذا النص الدستوري الذي يربط استقالة الحكومة بحل مجلس النواب يثير تساؤلات حول المغزى منه وأثره السلبي على مبدأ الفصل المرن بين السلطات الذي يتبناه الدستور الأردني. فكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية مستقلتان عن بعضهما البعض من حيث الاختصاصات والأشخاص القائمين على إدارة كل منها، إلا أن المشرع الدستوري قد أوجد مظاهر تعاون وتداخل بينهما. فالسلطة التنفيذية تصدر القوانين المؤقتة في غياب مجلس النواب، وتقترح مشاريع القوانين، وتدعو مجلس النواب إلى الاجتماع وتفضه، والأهم من ذلك يحق للسلطة التنفيذية حل مجلس النو?ب. في المقابل، تملك السلطة التشريعية ممارسة الرقابة السياسية على أعمال وقرارات السلطة التنفيذية، والتي تتمثل جُلها في طرح الثقة بالوزارة وإجبارها على الاستقالة، وبذلك يتحقق التوازن المنشود بين هاتين السلطتين.

    إلا أن الحكم الدستوري الذي يقضي باستقالة الحكومة جبرا بعد حل مجلس النواب سيخل بهذه العلاقة الدستورية، فعندما ستختار الحكومة أن تمارس حقها الدستوري في التنسيب بحل مجلس النواب سيتعين عليها الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ الحل، بحيث يترتب على قرار الحل فراغا في السلطتين التشريعية والتنفيذية في الوقت نفسه. في حين أنه لو قرر مجلس النواب ممارسة حقه الدستوري في طرح الثقة بالحكومة، فإن الحكومة ستستقيل مع بقاء المجلس النيابي، وهذا من شأنه أن يقوي من «شوكة» السلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية بشكل يخل بالتوازن لمطلوب بينهما.

    أما الحكم الدستوري الذي يحرم رئيس الوزراء الذي يُحل مجلس النواب في عهده من تشكيل الحكومة التي تلي الحكومة المستقيلة، فإنه يمثل عقابا فرديا لرئيس الوزراء وحده دون باقي الوزراء، الذين يحق لهم تولي المناصب الوزارية في الحكومة التي تشكل بعد قرار الحل. كما أن هذا الإجراء سيتعارض مع مفهوم الحكومة البرلمانية التي ينادي بها جلالة الملك، إذ أن من تبعات النص الدستوري الحالي أن الحزب الحاكم سيضطر إلى اختيار رئيس جديد للحزب بعد صدور القرار بحل المجلس لكي يشكل الحكومة الجديدة في حال إعادة فوزه بالانتخابات، ذلك على اعتب?ر أن النص الحالي يحظر بقاء رئيس الحزب الحاكم وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة بعد حل مجلس النواب وإجراء انتخابات جديدة.





    [29-01-2020 08:23 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع