الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    وجبة «التقاعدات» المنتظرة .. ضربات تحت الحزام!!

    ترشيق الجهاز الحكومي خطوة مهمة، ومطلوبة، ولكن ضمن ضوابط تمتد ما بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبحيث تراعى كافة الابعاد عند اتخاذ أي قرار واستخدام» المسطرة» بشكل مطلق في مثل تلك القرارات، قد يكون إجراء عادلا من حيث الشكل، لكنه ليس كذلك من حيث المضمون، وبالتالي لا يمكن أن يكون خطوة صائبة.

    وللتوضيح، فإن ما تفكر به الحكومة بإحالة كل من أمضى 25 عاما في العمل الحكومي إلى التقاعد، لا يمكن أن يكون قرارا حكيما. لجهة أنه يتعامل مع الملف من زاوية واحدة فقط، تتمثل بالرغبة في فتح شواغر لغايات التوظيف والحد ما أمكن من البطالة، وتخفيض النفقات الحكومية، من خلال توسيع دائرة القرار السابق الذي ينص على إحالة من أمضى ثلاثين عاما.

    فالخطوة تغفل الكثير من الأبعاد بنتائجها السلبية، التي قد تتجاوز أية إيجابيات تقع تحت أعين صاحب القرار.

    من بين السلبيات ما هو ظاهر للعيان، ولا يحتاج إلى جهد لتبيانه، وبخاصة مسألة حرمان الجهاز الحكومي من كثير من الكفاءات. واستبدالها بأشخاص حديثي التعيين، ممن أمضوا فترة طويلة بعد التخرج بدون عمل، أو بعمل مختلف عن تخصصاتهم.

    وهؤلاء يحتاجون إلى وقت طويل من أجل استرجاع معلوماتهم، وإعادة تأهيل أنفسهم على حساب الإدارة الحكومية.

    في الوقت نفسه فإن الخطوة توسع من دائرة الفقر والبطالة المقنعة، فالكثير من المتقاعدين بهذه الطريقة سيخسرون نصف دخولهم الشهرية، وبالتالي عدم كفاية تلك الدخول لمتطلباتهم الأساسية، ومنها مجالات التعليم الجامعي التي تكون في أوجها بمثل هذه المرحلة من العمر.

    بعد آخر، أشد خطرا على البناء الاجتماعي والاقتصادي لكافة الأردنيين، من بوابة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

    فالمؤسسة التي يشكو نظامها التقاعدي من كثرة المقبلين على التقاعد المبكر، والتي كانت قد اقترحت إلغاء هذا النوع من التقاعد في التعديلات القانونية الأخيرة تجد نفسها امام إحالة آلاف من الموظفين الحكوميين دفعة واحدة.

    وهي الخطوة التي تعني للمؤسسة خسارة مزدوجة، حيث تخسر قيمة الاشتراكات التي كان هؤلاء المشتركون يدفعونها قبل تقاعدهم، وتبدأ مبكرا بصرف رواتب تقاعدية لهم. وفي ذلك أعباء إضافية قد تؤثر سلبا على الوضع المالي للمؤسسة، وقد تدفعها في المحصلة الى إعادة دراسة موقفها المالي وصولا إلى تعديلات قانونية من بينها رفع نسبة الاشتراكات من جديد.

    فنجاح المؤسسة يقوم على مبدأ وجود إيرادات بحجم يزيد على قيمة النفقات تحت ضمانة إجراء دراسات إكتوارية حول هذا البعد.

    نسمع من القائمين على المؤسسة أنها ضمن خط الأمان، لكننا نعلم أن الاستمرار في استنزاف موجوداتها بما في ذلك التوسع في مجال التقاعد المبكر يشكل ضربة من شأنها أن تخل بالتوازن المطلوب، والذي يشكل المستقبل لكافة الأردنيين.

    بالطبع نثق بالقائمين على المؤسسة، لكننا نتحدث عن قرارات حكومية يفترض بها أن تراعي كل تلك الأبعاد، وأن لا تنظر إلى القضية من زاوية واحدة.





    [03-02-2020 08:09 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع