الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    فواتير الكهرباء .. لغز أم «مطب»؟

    تعتقد هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن أنها حسمت الجدل بخصوص الارتفاع الكبير في قيمة فواتير الكهرباء للشهرين الأخيرين. حيث أعلنت أن عملية التدقيق التي أجرتها لم تكشف عن أي خلل. وفي المقابل يتمسك المتضررون بفرضية الارتفاع غير المبرر، ويؤكدون أنهم لم يدخلوا أي تغيير على نمط الاستهلاك للكهرباء خلال الفترة التي شهدت الارتفاع.

    وبين وجهتي النظر، هناك فرضية تشير إلى دخول عناصر جديدة مرتبطة بالتغيرات المناخية السنوية، أدت إلى ارتفاع الاستهلاك، حيث يطول الليل على حساب النهار ويحتاج المستهلك إلى الإنارة فترة أطول، وتنخفض درجات الحرارة للطقس وللمياه وتحتاج عملية التسخين والتدفئة إلى كميات أكبر من الطاقة الكهربائية.

    تؤكد هذه الفرضية أن الثابت هو النمط الاستهلاكي، بينما المتغير هو كميات الاستهلاك، التي ترتفع نتيجة لعوامل لا علاقة لها بالمستهلك، وينعكس ذلك على قيمة الفاتورة.

    ولو دققنا في هذا التشخيص المنطقي، لوجدنا أن الإشكالية تنحصر في عملية احتساب التعرفة. والتي تتقاطع مع الفلسفة التي قصدتها الحكومة كأساس لتحديد الشرائح والتعرفة التصاعدية لكل منها.

    فكما هو معروف، قسمت الحكومة المستهلكين المنزليين الى شرائح، تبدأ بفئة لا يزيد استهلاكها الشهري عن 160 كيلواط ساعة، وحددت لها مبلغ 33 فلسا تعرفة الكيلو الواحد. وتنتهي ب"السابعة» التي يزيد الاستهلاك فيها عن ألف كيلواط وتكون تسعيرتها 256 فلسا للكيلو.

    هنا يتضح أن الفلسفة في تقسيم المستهلكين إلى فئات لا يقصد بها الرقم المجرد لحجم الاستهلاك، وإنما المستوى الاجتماعي والاقتصادي للفئة المستهدفة. وأن ما يقدم للفئتين «الأولى والثانية» هو بمثابة الدعم لاحتياجاتها الأساسية من التيار.

    فالفئة التي تستهلك «160 كيلواط» يكفيها هذا الكم لكافة متطلباتها المتواضعة، ومثلها الفئة ذات الاستهلاك بحجم 300 كيلو.

    ولو دققنا في مستجدات الفواتير لوجدنا أنها ليست ناتجة عن استهلاك ترفي، ولا عن تغير في النمط الاستهلاكي، وإنما عن متغيرات لا علاقة للمستهلك بها. فالمشترك لم يغير من نمط استهلاكه، ويكتفي بالاستخدامات العادية التي يحتاجها في كل فصل، والتي تغيرت معطياتها بحكم انخفاض درجات الحرارة، وزيادة عدد ساعات الليل.

    واستنادا إلى نفس الفلسفة التي قامت عليها فكرة «الشرائح» فمن حق المشترك الذي تنحصر كميات استهلاكه ضمن فئة معينة طيلة العام أن لا تحتسب كمية استهلاكه «الطارئة» بحسب الشريحة الأعلى التي بلغتها خلال شهري كانون الأول وكانون الثاني.

    ما يعزز هذه الفرضية ما تم التأكيد عليه من عدة مرجعيات رسمية وقانونية واقتصادية، بأن مسببات الارتفاع تتمثل بالانتقال من شريحة استهلاكية إلى أخرى. يضاف إلى ذلك أن الحكومة تعاكس النظريات الاقتصادية في مجال الطاقة الكهربائية. فعلى الرغم من وجود فائض كبير في التيار، فإنها تعاقب من يستهلك كميات أكبر برفع التعرفة عليه بدلا من تخفيضها. كما أنها تفرض على المستهلكين مبلغا تحت مسمى «بند فرق استهلاك الوقود» وهو المبلغ الذي يؤكد المختصون أنه ليس له سند قانوني.





    [05-02-2020 08:32 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع