الرئيسية تقارير
أحداث اليوم -
ياسر شطناوي - حاول "عرّاب صفقة القرن" صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر أن "يلمّع الصفقة" وما تحويه من "هضم كبير لحقوق الشعب الفلسطيني" في إقامة دولتهم المستقلة، من خلال " الإغراء بالمليارات" ودفع زهاء 50 مليار دولار لدعم مشاريع واستثمارات كبرى توزع على كل من الأردن ومصر ولبنان وفلسطين.
محاور "خطة السلام الأمريكية المزعومة" خصّصت الأموال لإنشاء البُنية التحتية الأساسية للدول التي تربطها حدود مع الإحتلال بمبلغ يصل إلى 50 مليار دولار ، إضافة إلى إنشاء ممر بين الضفة الغربية وغزة، وتفعيل نمو القطاع الخاص، وتعزيز التنمية والتكامل في المنطقة.
وشملت الخطة المالية للصفقة تطوير قطاعات حيوية للفلسطينيين مثل النقل والطاقة والخدمات الرقمية والمياه والحوكمة والإصلاح والتعليم والسياحة والموارد الطبيعية، والصحة، وملكية البيوت، والزراعة والصناعة وجودة الحياة وتطوير قطاع الأعمال، وتطوير القوى العاملة .
على المستوى الأردني تتضمن الصفقة - التي رفضها الأردن شعبياً ورسمياً - إنشاء منطقة تجارية حرة مع فلسطين لتسريع التعاون الاقتصادي بين البلدين، شرط أن يتم الاتفاق على موقع وحجم منطقة التجارة الحرة من قبل الأطراف.
وتتمثل مهمة المنطقة التجارية الحرة،وفقا للصفقة بتصدير البضائع باستخدام مطار يقع في الجانب الأردني، مع وعد بأن تواصل الولايات المتحدة تقديم إعفاءات للسلع القادمة من تلك المنطقة.
اقتصاديون وخبراء قالوا لـ " أحداث اليوم" إن هذه المشاريع والاستثمارات لا تتجاوز إلا أن تكون أوهام ووعود براقة، غايتها أولا تمرير الصفقة وثانيا دعم المصالح الصهيونية والأمريكية في المنطقة لتنفيذ مخطط الاحتلال الغاشم.
وهم وخدعة
الكاتب والباحث الاقتصادي فهمي الكتكوت قال إن كل ما جاء من وعود باستثمارات ومشاريع وأموال في صفقة القرن المزعومة لا تتجاوز إلا أن تكون "وهم وخدعة" صهيونية أمريكية للعرب من أجل قبول الصفقة وتمريرها.
الكتكوت بين لـ " أحداث اليوم" أن الـ 50 مليار دولار التي وعدت بها الإدارة الأمريكية تنقسم إلى قسمين، الأول يكون منها 25 مليار دولار على شكل مساعدات ومنح، والثاني ان باقي المبلغ يكون كقروض واستثمارات لشركات أجنبية هدفها الربح من عملها في بلادنا.
ويضيف أن الشركات الربحية الأمريكية والإسرائيلية لتخضع للقرار السياسي، بل أن ما يدفعها للاستثمار بأموالها هو وجود البيئة المناسبة، منوها إلى أن هذه البيئة غير موجودة وبالتالي الوعود بالاستثمارات كلام غير علمي ولا يخضع للمعايير الاقتصادية الحقيقة.
اغلب هذه الأموال من مصادر عربية وتحديداً خليجية، وتأتي على شكل تعويضات للأردن ومصر ولبنان وفلسطين، لقاء استضافتها للاجئين الفلسطينيين على مدار السنوات الماضية، وفقا للكتكوت.
على المستوى الأردن يوضح الكتكوت أن ما خُصص لعمان من الـ 50 مليار يصل إلى ما يقارب 7.4 مليار دولار لمشاريع تخدم أساساً الكيان الصهيوني.
ويشرح الخبير، أن مبلغ 7.4 مليار دولار تأتي لمشاريع أردنية مثل بناء الجسور والسكك الحديدية بين الضفتين وذلك لجعل الأردن بوابة للاحتلال من أجل المرور لدول عربية أخرى، إضافة إلى دعم مشروع الباص السريع، والذي وفقا للصفقة، سيربط عمان مع معبر الشيخ حسين لغايات سياسية إسرائيلية تدور في إطار تفتيت "الديمغرافيا" بالأردن.
وختم بان الأردن سبق وان تلقى وعوداً أمريكية بمساعدات تصل إلى 50 مليار دولار بعد توقيع اتفاقية وادي عربة، خلال مؤتمر عقد في حينها جاء بعنوان "مؤتمر عمان الاقتصادي" لكن كل ما وعُد به الأردن كان فقط كلام ووهم أمريكي إسرائيلي لتمرير الاتفاقية.
سم في الدسم
الخبير في مجال الطاقة عامر الشوبكي قال إن كل المشاريع التي أدرجت في الصفقة وخاصة في مجال الطاقة هي مشاريع مُدرجة على جدول الخطط الأردنية، غير أنه ينقصها التمويل المالي اللازم.
ووصف الشوبكي الصفقة بوضع " السم في الدسم" مبينا أن المشاريع التي تم التطرق لها هي مشاريع "تضرب على الوتر الحساس" بالنسبة للأردن، خاصة في مجال الطاقة المتجددة والنقل وغيرها.
ويضيف إن هذه المشاريع بشكل العام أردنية، غير أنها مع المستقبل تمهد للمصالح الإسرائيلية وتمرر مشاريع صهيونية تخدم إسرائيل وتحركاتها في المنطقة للمزيد من التمدد والنفوذ.
وأكد الشوبكي أن الصفقة لم تتطرق مثلاً لجهود الأردن القائمة في مجال مشاريع التنقيب عن الغاز الطبيعي، ما يدلل على أن هناك مساعٍ صهيونية أمريكية لان تكون هذه الأموال في خدمتها ولو جاءت بغطاء اسمه " إحلال السلام ".
ضغوطات دولية
من جهته قال مصدر حكومي رفيع المستوى لـ " أحداث اليوم" إن الأردن قد يتعرض لضغوطات دولية نتيجة مواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية والتمسك بحل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية.
والمصدر أوضح أن علاقاتنا مع دول الجوار ممتازة وخاصة مع العراق إذ تمضي العلاقات بتوجيهات من الملك والقيادة العراقية نحو الأفضل.
واستبعد المصدر أن يكون هناك حصاراً اقتصادياً على الأردن كما جاء قبل أيام على لسان رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة.
شكوك بمصداقية الارقام
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية النائب موسى الوحش، شكك بصدق الاحتلال وأمريكا من الأساس بوجود هذه الأموال لتنفيذ المشاريع المعلن عنها.
الوحش قال إن الصهاينة دائماً ما يخالفوا ويعتدوا على إي اتفاقية كانت، ويحاولون دائماً الضغط على الدول العربية اقتصادياً من خلال "التركيع" وزيادة الفقر بكل الأدوات التي تملكها.
وبين أن أي مشروع اقتصادي أو استثماري آو منح مالية يكون العدوان الإسرائيلي طرف فيها فهي بالتأكيد تصب في مصلحة الكيان بشكل غير مباشر للتنفيذ مخططه على حساب الأمة العربية.
ودلل الوحش أن الجانب الاقتصادي من صفقة القرن تم التمهيد إليها قبل الإعلان من خلال مؤتمر المنامة، وانطلقت الوعود بان يتم النهوض بالاقتصاد الفلسطيني والدول المجاورة ، وذلك فقط لتمرير الصفقة وقبولها.
وختم الوحش أن كل ما يقوم به الاحتلال والإدارة الأمريكية من مساعٍ في منطقتنا يأتي لفرض الهيمنة علينا ونهب ثرواتنا واحتلالنا اقتصاديا وفكريا، والعمل على زيادة تجويع الشعب وهضم حقوقه بشكل يخالف كل القوانين والمعاهدات الدولية.
هذه المليارات وما " قد" تحمله من مشاريع للمنطقة لم تحظى بأهتمام الأردنيين والفلسطينيين ولو كانت إضعافاً لان الصفقة بكل إشكالها ومحاورها مرفوضة/ ولا يمكن بأي حال أو شكل المساومة على الأوطان والاستغناء عنها مقابل أموال أساساً هي مسروقة من الجيوب العربية.