الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن – لم تكن نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة التي جرت للمرة الثالثة خلال عام واحد أمراً خارجاً عن المألوف أو غير طبيعي وإنما هي نتاج عمليات التحول في البنيوية المجتمعية الإسرائيلية والعلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتحولات الإقليمية والدولية وظهور لاعبين جدد على الساحة والتي تذهب في مجملها نحو اليمين المتطرف.
لا يجد الإسرائيليون اليوم مشكلة في اختيار نتنياهو رئيساً للحكومة فليس هناك فروق كبيرة بينه وبين منافسة غانتس فكليهما جزء من اليمين المتطرف، وصراعهما على السلطة لا يعني وجود اختلافات جوهرية في مواقفهما تجاه القضية الفلسطينية فكليهما يؤيد صفقة القرن وضم المستوطنات ويعتبرها خيارات استراتيجية لا يمكن التنازل عنها أو الانتقاص منها، بيد أن الأمر يختلف كلياً على الطرف الآخر فالفلسطينيون يعيشون أزمة حقيقية ترتبط بالكيان والوجود.
غانتس أعلن الأحد موافقته على الشروط التي وضعها زعيم حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان للانضمام إلى أي حكومة إسرائيلية جديدة.
جاء ذلك خلال مشاركة غانتس تغريدة ليبرمان على تويتر، والتعليق عليها بقوله: ”موافق، ونحن ملزمون بالتقدم في هذا السياق“.
وكشف ليبرمان اليوم عن شروطه للانضمام لحكومة إسرائيلية، وأوضح في منشور عبر صفحته على ”فيسبوك“ أن شروطه تتمثل في رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين، ونقل صلاحيات المواصلات العامة، وفتح المصالح التجارية يوم السبت، وتجنيد طلاب المدارس الدينية اليهودية للجيش، وسن قانون الزواج المدني، والسماح باعتناق الديانة اليهودية في المحاكم الشرعية اليهودية.
هذه المرة خلت شروط ليبرمان من ذكر قطاع غزة، إذ اشترط في الانتخابات السابقة إخضاع حماس ووقف تحويل الأموال للقطاع.
ووفقا للنتائج غير الرسمية للانتخابات، حصل حزب الليكود على 36 مقعدا، يليه تحالف أبيض- أزرق بزعامة بيني غانتس بحصوله على 32 مقعدا، أما القائمة العربية المشتركة فقد حصلت على 15 مقعدا وأحزاب المتدينين اليهود على 17 مقعدا.
والنتيجة لا زالت غير كافية لتشكيل حكومة، إذ يحتاج زعيم الليكود رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى 61 مقعدا لنيل ثقة الكنيست، لم يحصل سوى على دعم 58 نائبا.
في حال فوز نتنياهو فإن الأمور ستكون أكثر صعوبة وتحد من الخيارات أمام الفلسطينيين، وقد تضطر السلطة لتغيير لغة حوارها مع الإدارة الأمريكية والبحث عن وسطاء جدد لبحث صفقة ترامب "صفقة القرن" مما سيضعف الموقف الرسمي الفلسطيني ويسرع خطوات نتنياهو بضم غور الأردن ومستوطنات الضفة، باعتبارها خطوات استراتيجية لا يمكن لمن سيخلف نتنياهو التنازل عنها أو تجاوزها.
عودة نتنياهو لسدة الحكم ستكون نذير شؤم على الفلسطينيين وستسهم في تكريس الانقسام وتوسع أتونه بما يبقي على ضعف سلطة رام الله من ناحية ووجود حماس في غزة التي صرح نتنياهو غير مرة أنه لا يسعى لإنهائها، لضمان استمرار التمزق الفلسطيني والانشغال بملفات جانبية.
أما على الصعيد الخارجي لحدود فلسطين المحتلة فإن فوز نتنياهو سيعجل وتيرة التطبيع العربي مع إسرائيل، ويمد أيديها أكثر في صراعات المنطقة خصوصاً الملف السوري، ويعزز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والتي من المرجح أن تصل لدرجات غير مسبوقة في حال فاز ترامب بدورة رئاسية جديدة، مما سينهي آمال الفلسطينيين بإمكانية مساندة الشرعية الدولية لمطالبهم ودعمها لحقوقهم المشروعة.