الرئيسية مقالات واراء
أحداث اليوم - حديث الساعة ؛ فيروس كرونا أصر أن لا يترك العالم قبل أن يضع بصماته الحمراء على شاشات أسواق المال والأسهم فبعد الخسائر التي تركها في الصين , قرر الإنتقال الى القارة العجوز مسبباً الشلل لشركات الطيران والسياحة مروراً بسوق الطاقة الذي تعرض لنكسة تهاوي أسعار النفط فغدا تهديداً لنمو كبرى إقتصادات العالم , مجبراً الحكومات التأهب لحماية أسهم وإستثمارات شركاتها تزامناً مع قلقها من أرقام الإصابات بين سكانها . .
نما سوق النفط في العقد الأول من القرن الحالي مستفيداً من إرتفاع سعر برميل النفط الذي سبق الأزمة الإقتصادية العالمية عام 2008 ويمكن تلخيص نتائج ذلك النمو بما يلي :
•دخلت دول جديدة نادي الدول المنتجة للنفط رغم إرتفاع تكلفة الإستخراج من أبارها .
•توسع الإعتماد على الطاقة النظيفة بعد نجاح حماة البيئة في تقديم دراسات جدوى أقنعت الإقتصاديين فخرجت للنور مشاريع ضخمة معتمدة على الطاقة الشمسية أو الرياح .
•تضخمت الإستثمارات في سوق الغاز الطبيعي .
• دخل الصخر الزيتي والمحاصيل الزراعية مرحلة الإنتاج التجاري كمصدر للطاقة .
• توسعت الفجوة بين التكرير و إستخراج النفط الخام فظهرت الحاجة للمزيد من المصافي و إرتفعت أرباح صناعة التكرير والخدمات اللوجستية لسوق النفط .
من المعلوم أن تكلفة إستخراج برميل النفط وجودته تختلف من بلد لأخر أو من إقليم لأخر , إذ تعد منطقة الخليج العربي الأقل تكلفة بحيث تصل بحدها الأقصى لمعدل الأنثى عشر دولار للبرميل بينما ترتفع في بعض الدول وخاصة تلك التى تبني منصات بحرية الى إثنين وخمسين دولار كما في المملكة المتحدة وهذا يشمل التكلفة الرأسمالية والتكلفة التشغيلية والتى بمجملها أعلى من سعر برميل النفط الحالي .
مما سبق يتضح بما لا يدع مجالاً للشك , أن سعر برميل النفط الحالي له أثار كارثية ويفاقم من أزمات الدول المنتجة للنفط , وبالأخص التى تعاني حاضراً إقتصادياً مثل العراق وإيران وفنزويلا والجزائر ونيجيريا .
أما الولايات المتحدة الأمريكية ؛ فالمتضرر الأكبر فيها هو قطاع الصخر الزيتي وأسهم شركات النفط , وبما يخص روسيا فشركاتها النفطية مرتاحة من إقصاء بعض المنافسين من سوق النفط ولديها مصادر للدخل تمكنها من إستيعاب هذا التراجع في أسعار النفط لفترة قصيرة , لكن إستمرار هذا الإنخفاض سيجعل الدولة الروسية (القطاع العام ) والمواطن الروسي يعانيان من إنخفاض مساهمة رافد أساسي في التنمية مما ينعكس سلباً على قطاع الخدمات الحكومي المتهالك أصلاً. .
الدول الصناعية التي لا تمتلك طاقة تلبي إحتياجاتها كالصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا هي المستفيد الأكبر من هذا الإنخفاض لكن لا قدر الله إن تعمّقت مشكلة فيروس كورونا وإنخفض طلب هذه الدول على النفط فلا يمكن توقع الحد الذي ستصل اليه الأسعار لكن من المؤكد أنها لن تتجاوز عشرين دولار للبرميل .
إن لم تتوصل مفاوضات أوبل - بلس المرتقبة لحل يضمن خفض الإنتاج للحد من تدهور الأسعار ستدخل دول الخليج العربي مرحلة التقشف , رغم إحتياطاتها وصناديقها السيادية التي قد تلجأ اليها قريباً مع تقنين مشاريع البنية التحتية وتوسيع مظلة الدخل الضريبي تزامناً مع خفض الدعم الحكومي معلنةً بدء إنحصار الطبقة الوسطى فيها .