الرئيسية مقالات واراء
أكتب إليكم وقد وصل ضحايا الفيروس لحوالي 35 ألف إنسان والإصابة ل 760 ألف وزيادة،مع توقعاتي بأن تصل الحصيلة الى مافوق المليون مصاب مع نهاية الاسبوع , وقد تتغير لأرقام مرعبة في المستقبل ، لتعادل ما يقارب أو يفوق معدلات الحروب..
ما يحصل في العالم الآن هو عملية الحد من إنتشار المرض وليس القضاء عليه والذي من المتوقع القضاء على الوباء مع نهاية فصل الصيف..والواضح بأن الغرب يتبع سياسة "مناعة القطيع" بمعنى التضحية بالأضعف مناعة لصالح الأقوى مناعة، وهي همجية واضحة فضحت عدم إنسانيتهم حتى لو كان المبدأ الساري أن الشباب و أقوياء المناعة هما عماد كل إقتصاد قوي .
ويبدو ان للفيروس بدوره مهمات عدة اهمها , - خفض عدد سكان العالم. وهذه مهمة شيطانية. و الاستيلاء على السلطة من قبل سلطة الكواليس العالمية. والمهمة الثالثة - مالية واقتصادية بحتة .
لقد اثبتت التدابير الاقتصادية لمواجهة الوباء والدعم المالي للشعب العجز عن تجنب دمار الاقتصاد، وعدم التأثير الإيجابي على الأسواق وأسعار الطاقة فقد شهد العالم حولنا فقاعة مالية بلغت قيمتها 1 كوادريليون و 200 تريليون دولار، ومن المؤكد أن العواقب الاقتصادية لأزمة كورونا ستفوق نتائج أزمة الكساد العظيم التي عصفت بالنظام الرأسمالي قبل مائة عاما وأدت إلى موجة إفلاس هائلة للشركات وتسريح ملايين العمال والموظفين. و تحولات سياسية عميقة وخطيرة داخل الدول الكبرى واثرها على توازن القوى بينها. وصعود هتلر وموسوليني و جوزيف ستالين .
أود أن ألفت الإنتباه الى الخطورة الكامنة من وراء هذا الفايروس والتي تحدث عنها بعض ساسة البرجوازية وخبراء الأقتصاد وخبراء الأستراتيجية ومدى خطورة ما يواجه العالم الرأسمالي والنظام العالمي من فشل السياسة الليبرالية والتي سادت العالم من بعد الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا المتمثلة بأقتصاد السوق الحرة وعولمة الرأسمال..
اذ سيتم التوافق حول تشكيل نظام عالمي جديد على اثر افلاس وفشل النظام الحالي في ادارة الراسمال، وكذلك ايجاد عملة عالمية جديدة بديلا عن الدولار الامريكي او اليورو الاوروبي كمقياس للأقتصاد العالمي لمواجهة مرحلة ما بعد الأنهيار ، رغم قيام الدول بتفعيل قانون الدفاع المدني والذي يخول الدولة على أجبار المصانع والشركات ان تطبق ما تحتاجه من السلع لإنماء الاقتصاد والأرباح، مما يغير من مسار حركة الرأسمال.
لكن الأوضاع ستتسم بالفوضوية وعدم إيجاد الحلول المناسبة والتي خطورتها لا تقل عن الأزمة والكساد الكبير قبل مائة سنة، والذي تسبب في أنهيار كثير من الدول والأنظمة وفي النهاية اندلعت على اثره الحرب العالمية الثانية من اجل تقاسم الأسواق عن طريق الحروب والدمار ونهب الموارد والمصانع والتكنولوجيا بعضهم لبعض.
و الخطورة الكبرى في عملية أيقاف سقوط النظام العالمي الرأسمالي بشكل تراجيدي، وكبح ظهور الاحتجاجات والحركات العمالية القوية وعدم ظهور التيار الاشتراكي العمالي في قلب الطبقة العاملة مرة أخرى.. اذ ستتفشى البطالة والجوع والحرمان بين أبناء الطبقة العاملة والشعوب الكادحة.. وسيتفشى الفقر المدقع وانعدام النظام الوقائي الاقتصادي للطبقة العاملة من ضمان البطالة والخدمات الاجتماعية ورفع سن التقاعد واستقطاب المجتمع الى طبقتين واضحة المعالم، نتيجة انهيار وإفلاس الشركات الصغيرة والملكيات الصغيرة وإفلاس معظم المزارعين و الفلاحين وترك الأراضي وبيعها لمالكي المزارع والأراضي الكبار.. وستتفشى البطالة بين المتخرجين الجدد وصعوبة أيجاد فرص عمل..
لقد تنبأ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزى في عام 2008 قبل 12 سنة بـ«قرب نهاية العولمة» كما نعرفها، مع أفول الرأسمالية المالية التي فرضت منطقها على الاقتصاد بأسره، وساهمت في انحراف مساره.
وها هو الأمر يصل بالرئيس ماكرون إلى حد التلويح بـ«تأميم الصناعات» إذا لزم الأمر لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا بمعنى: أنه لم يعد من المحرمات أن تلجأ الدولة الفرنسية إلى إجراءات اشتراكية، تضع يد الدولة على قطاعات اقتصادية أساسية، بل ربما تكون الأزمة نقطة انطلاقٍ لإعادة النظر على القواعد الاقتصادية الراسخة في زمن العولمة، خاصة في قطاعات حية مثل الأدوية.
ويبدو ان الاتحاد الاوروبي كذلك سينهار ويتفكك بعد انعدام الثقة بين دوله , وبعد المشهد الحاصل بمليارات القروض والتدخل الحكومي المفرط لدرجة الانتهازية .وتاميم الصناعات بما فيها قطاع الطيران جزئيا او كليا ,وتأميم المستشفيات والقطاعات الصحية .
خلاصة القول العالم وعلى نحو غامض أو غير معترف به قرر أن يضحي بأوروبا. ويمهل امريكا وروسيا. ويريد الصين قوية قيادية. ويحتفظ بالعالم الثالث كاحتياطي استراتيجي وخزان للكفاءات والاحتياجات البشرية.. هذه حقيقة مؤكدة لا ينقصها سوى الدليل.