الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن - غلّب الأردن منذ اللحظات الأولى لبدء تفشي فيروس كورونا الأمن الصحي لمواطنيه على التكلفة الاقتصادية الباهظة التي سيدفعها لاتخاذ هذا القرار.
الدولة الأردنية " اشترت مواطنيها " ومنحتهم الحق في الرعاية الصحية ضمن أعلى مقاييس الإنضباط والحرفية في إدارة الأزمة طبياً وأمنياً، مما أعاد الكثير من ثقة الشارع بالقرارات الحكومية من خلال هذا الملف.
اليوم ومع مرور شهر على بدء سريان أمر الدفاع رقم 2 لسنة 2020 بدأ الكثيرين في التململ ومحاولة الضغط على عصب الدولة بمطالبتها بالتوسع في إعادة فتح القطاعات التجارية والصناعية وعودة الحياة لطبيعتها بالسرعة الممكنة دون إحساس بأهمية ما تقوم به من جهود واستغلال مواجع الفقراء ومحدودي الدخل وعمال المياومة للإستقواء عليها وعبور الأزمة بأقل الخسائر والحفاظ على مصالحهم.
حجم التبرعات التي قدمها رجال الأعمال والشركات في "المغرب" لمواجهة تداعيات وباء كورونا، قاربت 3.5 مليار دولار، وحجم التبرعات التي قدمت في الأردن تقارب 100 مليون دولار، ما يدعونا لإعادة التفكير في شكل العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص وحرص الأخير على انتزاع المكاسب من الدولة وحرمان المواطنين منها.
قطاعات واسعة من العاملين والعاملات في منشآت الأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية الأحجام تعرضت لانتهاكات جسيمة ومتفاوتة، فمنهم من لم يتسلموا أجورهم الشهرية لكامل شهر آذار المنصرم بحجج مختلفة، ومؤسسات قامت بفصل العاملين لديها أو جزء منهم، أو إجبارهم على الإستقالة بحجج مختلفة، وأخرى أجبرت العاملين لديها على كتابة اجازات بدون راتب طيلة فترة العطلة الحكومية، هذه الممارسات وغيرها تضع الأمور على الطاولة وتفتح الباب للتساؤل حول المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسات في الظروف التي تشهدها الدولة والعالم حقيقة وإن كان لدينا تشاركية في العمل العام.
يستفزني التحدي العلني والصريح الذي تمارسه مئات منشآت الأعمال الخاصة لهيبة الدولة وسيادة القانون بمحاولات التعدي على القوانين والتشريعات والتقليل من حجم الخطر الصحي وتعظيم الخطر الاقتصادي دون أدنى إحساس بالمسؤولية، ووضع الحكومة أمام الخيارات الأكثر صعوبةً في مواجهة مباشرة مع الجياع إضافة لتحميلها المسؤولية عن فشل إدارة الاستثمارات في القطاع الخاص وتكبيل قراراتها والحجر عليها بطرق ملتويه.
مما لا شك فيه أن المرحلة ليست مهيأة لجني المكاسب من قبل القطاع الخاص وتعويض الخسائر السابقة بحجة الدخول في مرحلة الكساد الاقتصادي بفعل أزمة كورونا،هذه المرحلة باختصار فترة عصيبه يجب العمل خلالها للحفاظ على الاستمرارية وتحمل المسؤوليات الاجتماعية تجاه الوطن والمواطنين بعيداً عن حسبة رأس المال الشرسه التي من الممكن أن تذهب بنا جميعاً للهاويه.
رغماً عني أقولها، أوامر الدفاع يا دولة الرئيس كفيلة بوضع الأمور في نصابها وعلى الدولة الإحتكام لصوت العقل وتغليب مصلحة الوطن والمواطنين البسطاء وحفظ حقوق الداخلين الجدد لصناديق المعونات الحكومية، حتى لا تقع الحكومة فريسة للسلبية والعجز في مواجهة تغول البعض عليها وعلينا حفاظاً على ثرواتهم وعليها أن تتعامل مع ما يجري بحزم ووضوح وشفافية لكسب الرهان استعداداً لأردن ما بعد كورونا.