الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    نفط .. تحت الصفر!

    انهيار أسعار النفط الأميركي إلى ما دون الصفر، وملامستها حاجز ال» 38 دولارا» تحت الصفر، ولاحقا ارتفاعه مجددا إلى ثلاث دولارات، يشكل حالة فريدة في تاريخ البشرية. فهي المرة الأولى التي يضطر بها البائعون إلى دفع مبالغ كبيرة للمشترين من أجل تخليصهم من مخزون يرتب عليهم كلفا إضافية.

    فمحاولة التخلص من المخزون، وما يترتب عليه من أعباء، أسس لحالة فريدة تمثلت بانخفاض الأسعار إلى ما دون الصفر. وهي حالة من عدة حالات أربكت العالم، وجمدت نشاطاته المختلفة، وأعادت اقتصاده إلى الخلف عقودا... وأبرز الأسباب في ذلك فيروس لا تراه العين إلا من خلال «مجاهر»، ومكبرات وفي أوساط مختبرات مجهزة تجهيزا خاصا. وإلى جانب ذلك هناك خلافات سياسية، وفائض في الإنتاج، وشؤون متعددة بعضها كان مدرجا ضمن التوقعات، وبعضها الآخر كان طارئا.

    ما حدث في مجال أسعار النفط يفتح نوافذ الذهن على الكثير من القضايا المحلية، التي تعاملنا معها تاريخيا، وما زلنا نعاني من تبعاتها.. ومنها ما يتعلق بالطاقة، أو بأمور اقتصادية أخرى حيث سبق أن اضطر مزارعون إلى إلقاء منتجاتهم من الخضار في الشارع، وتحويلها إلى أعلاف مجانية للمواشي.

    في مجال الطاقة، وبينما تؤشر بعض التحليلات على أن النفط الصخري ليس بعيدا عن مجريات ما حدث، نستذكر قصة هذا النوع من النفط لدينا، حيث الاحتياطيات الهائلة، وتعقيدات الاستخراج، وكلفه الإضافية، وصولا إلى عملية توليد الكهرباء بواسطة الحرق، وهي الخطوة التي ربطت الحكومة مع إحدى الشركات باتفاقية طويلة الأجل، وبأسعار مرتفعة.

    وأعادت التطورات إلى الذهن الكثير من الاتفاقيات المتعلقة بالطاقة الكهربائية، وكلفتها المرتفعة بالتزامن مع تراجع الأسعار العالمية للنفط، وصولا إلى حالة الانهيار. وسط إحساس بأن العالم أجمع ـ حكومات ودولا ـ قد استفادت أو ستستفيد من تلك التطورات باستثناء الأردنيين الذين عليهم أن يدفعوا ثمن الطاقة بأسعار مرتفعة ولعقود طويلة حددتها اتفاقيات مع بعض الشركات.

    وهي الحالة التي يترجمها أردنيون على شكل تساؤلات حول الذي يحدث، وما إذا كان نتاجا لسوء تخطيط؟ أم سوء تقدير تسبب به «الحرص الزائد» على تنويع مصادر الطاقة، وتوفير عناصر الأمان لتلك المصادر.

    فالمرجعيات التي تتولى إدارة ملف الطاقة ما زالت تعتقد أنها تعاملت معه بتخطيط استراتيجي، و«بحكمة زائدة». بينما يرى المواطن أنه هو المتضرر الأكبر، حيث سيدفع أسعار الطاقة والمحروقات بنفس الأسعار التي كانت سائدة قبل سنوات. وفوق حاجز المئة دولار للبرميل. فالرسوم التي تتقاضاها الحكومة على المحروقات ثابتة، وأسعار الطاقة الكهربائية محكومة باتفاقيات مسبقة لا علاقة لها بانخفاض الأسعار العالمية.

    وفي ضوء تلك الحقائق، ما زال المواطن يأمل بأن تعمل إدارة ملف الطاقة على استغلال الفرصة، وتوفير مخزون احتياطي بتلك الأسعار «المنهارة». لكنه يتساءل عن حجم الطاقة التخزينية المتاحة، وما إذا كانت كافية لإحداث تأثير إيجابي في المعادلة السعرية أم لا؟ حتى وإن كان ذلك في صالح الموازنة العامة للدولة فقط؟

    والأهم من ذلك، ما إذا كانت هناك خطط مستقبلية لتوسيع نطاق القدرة التخزينية للمملكة من النفط الخام، والمشتقات النفطية. وبما يمكن أن يحقق الأمان واقعيا وليس نظريا فقط.





    [22-04-2020 08:38 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع