الرئيسية مقالات واراء
منذ ما قبل انتشار وباء" كورونا"، ووتيرة الجدل حول اتفاقيات الحكومة مع شركات الكهرباء تواصل ارتفاعها. والمطالبات البرلمانية والشعبية بإعادة النظر في تلك الاتفاقيات مستمرة، والوعود الحكومية بفتح حوار مع تلك الشركات لم تنقطع.
فهناك إجماع على أن الاتفاقيات ليست عادلة، وأنها تكلف الخزينة مبالغ هائلة سنويا دون وجه حق، بسبب السعر المرتفع، والكميات الفائضة عن الحاجة.
الآن، تشير القراءات إلى أن الأمر أصبح أكثر إلحاحا، في ضوء الإجراءات الحكومية المتخذة ضمن حملة مواجهة وباء كورونا، وتطبيقات قانون الدفاع. فالإيرادات الضريبية تراجعت، واستهلاك الطاقة تدنى، بينما الاتفاقيات مع الشركات سارية المفعول، يضاف اليها اتفاقيات استيراد الغاز.
فعلى مدى أربعين يوما مضت، استخدمت الحكومة الصلاحيات التي منحها إياها قانون الدفاع في تسيير شؤون الدولة. وقامت بتعطيل بعض النصوص القانونية، والتعامل بتعليمات استثنائية، عنوانها حماية الوطن من وباء كورونا .
وبالتزامن، امتدت بعض أوامر الدفاع إلى الجوانب الاقتصادية، بتوجيه بعض النصوص القانونية في اتجاهات تخدم المواطن، اجتماعيا واقتصاديا، وبما يتوافق مع السياق العام للرؤية الحكومية للأزمة وسبل تجاوزها. واضطرت إلى تعطيل الكثير من جوانب الحياة العامة، وفرض حظر التجول، ووقف قطاعات عن العمل، قبل أن تبد العودة التدريجية في ضوء النجاحات التي تحققت في العنوان الرئيس، المتمثل بوقف "الجائحة".
الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ـ مضطرة ـ أدت إلى تراجع إيرادات الخزينة، حيث تشير بعض التقارير إلى أن الأعباء على الموازنة العامة قد زادت، وأن الإيرادات قد انخفضت، فكانت النتيجة أزمة ممتدة يمكن رصد بعض ملامحها نظريا منذ الآن، بينما يصعب التنبؤ بحجمها الحقيقي إلا في وقت لاحق، ما دفع محللين اقتصاديين إلى التنبيه لها، وسياسيين إلى التحذير من تبعاتها، في ضوء ارتفاع حجم المديونية أساسا.
فالحكومة مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر باتفاقيات توليد كهرباء مع شركات خاصة، وملزمة بدفع تكاليف تغطي الطاقة التوليدية المتفق عليها سواء تم استهلاكها أم لا، وبأسعار ثابتة. وملزمة أيضا باستيراد كميات من الغاز لغايات التوليد وبأسعار محددة سنويا.
وإضافة إلى الفائض في الكلفة الذي كانت تعاني منه الموازنة العامة، أدى توقف حركة النقل والتصنيع، وحظر التجول إلى انخفاض آخر كبير في كميات الاستهلاك، وبالتالي زيادة الكلفة.
فالحسابات المبدئية تؤشر على أن التزامات الحكومة في ملف الطاقة تصل إلى اكثر من ملياري دولار سنويا، من بينها 360 مليون دولار كلفة التوليد استنادا إلى الطاقة التصميمية للمحطات المتعاقد معها، وقرابة 1300 مليون دولار ثمنا للغاز المستورد بموجب اتفاقات مسبقة.
والسؤال هنا: لماذا لم تقم الحكومة بمعالجة هذا الخلل بأوامر دفاع، تجمد تلك الاتفاقيات، أو بعضها، خلال فترة التعطل التي شملت كافة القطاعات الحيوية؟
فقد تم تطبيق القانون على الكثير من المجالات، ومنها ما يعتمد أساسا على الطاقة، الأمر الذي حد كثيرا من حجم الاستهلاك، وأسهم في خفض الإيرادات الحكومية بشكل لافت. وكان من الممكن أن يمتد إلى شركات التوليد المحلية لضبط عمليات التوليد بما يتناسب مع الظروف المستجدة، أو تخفيض الكلف بما يتناسب مع الأسعار العالمية.