الرئيسية مقالات واراء
بات الحديث عن كرة القدم الأردنية متشعباً ومعقداً للغاية، فالأزمات المتلاحقة التي تطاردها خلال جائحة كورونا وما قبلها وما بعدها، أوصلتها لذروة التأزم.
وفي الروايات الأدبية، فإن بعد الوصول إلى "ذروة التأزم"، تبدأ الحلول تتدفق تدريجياً لكافة العقد المستعصية، والكرة الأردنية بلغت ذلك، بيد أننا لم نتلمس لا من قريب ولا من بعيد أية حلول حقيقية على الأرض.
ثقة الجماهير بتطور منظومة كرة القدم الأردنية أصبحت محل شك وتشكيك لا يتوقف، حيث ملّت تفاصيل الرواية، ففي كل موسم هناك حدث جديد، يبعثر الأوراق، ويعطل المسير، وعندما تتفاءل بالحلول، تطل مصيبة أخرى.
ويتحمل الاتحاد الأردني المسؤولية الأكبر مما يحدث فهو المسؤول المباشر عن كل شيء يتعلق بكرة القدم، لكنه أخفق في إداراتها، واعتمد على إبر التخدير، وترحيل الأزمات موسماً بعد موسم، حتى اصطدم بصخرة الواقع، وأي واقع.
وهنا يجدر بنا التساؤل وهو حق مشروع، أين دور اللجنة الأولمبية عن العجز الذي يعاني من اتحاد كرة القدم ووصل إلى 5 مليون دينار، ولماذا تكون الرقابة على اتحاد دون آخر.
ويعلم الجميع أن كرة القدم هي أشبه بتجارة حيث تدر المال والأرباح هكذا الأصل أن يكون، ومع ذلك فإن كرة القدم الأردنية، تلعق مرارة الديون.
لا نريد أن نقسو على اتحاد كرة القدم، فالحال الذي وصل إليه يثير الحيرة وربما الشفقة، لكن القسوة أحياناً قد تأتي بالحلول المرجوة، لأن الواقع الذي تعيشه، بات أشبه بكوميديا "مضحكة"، ومبكية في آن واحد.
لا نريد للمنتخب الوطني الوصول إلى كأس العالم على طريقة الفزعة، وعلى حساب الأسس السليمة التي يجب أن نبني عليها خططنا، لأن الثمن فيما بعد قد يكون باهظاً، وهي تجارب عشناها عاماً بعد عام، لذلك لا بد من السير بخطوات مدروسة وتدريجية.
كثيراً ما يردد خبراء كرة القدم في العالم، أن قوة المسابقات المحلية من قوة المنتخبات الوطنية، هذا كل ما في الأمر ببساطة، لكننا دائما نخطط بارتجالية، متسرعون في تحقيق أحلامنا، مستعجلون في الوصول إلى ما نطمح، فكيف لنا الوصول ما دمنا نفكر بهذه الطريقة.
أعذرونا يا اتحاد كرة القدم، فقد طفح الكيل، والجميع ملّ وافتقد الأمل، فهذه اللعبة وجدت لتكون قمة في التشويق والمنافسة والإثارة، لكنها في بلدنا أصبحت مجرد "مصدر إحباط"، و"حسرة في القلب"... و "حرق أعصاب" ليس إلا.
منذ سنوات والاتحاد الأردني يتحدث مراراً وتكراراً عن أهمية تشكيل رابطة الأندية، لكنه فعلياً لا يعمل في هذا الاتجاه، لأنه يريد أن يبقى الوصي على اللعبة.
وعندما ساءت أمور اتحاد الكرة وما عاد قادراً على القيام بدوره، أصبح يرحب بضرورة تشكيل رابطة الأندية، يريد الآن أن يضع الكرة في ملعب الأندية، وفي وقت تمر بها الأندية في أسوأ ظروفها المالية.
المعذرة يا اتحاد كرة القدم، الشمس لا تغطى بغربال، هناك أخطاء تتراكم، ومن الجماهير من أصبح يقسم بألاّ يحضر للمدرجات لتشجيع فريقه، فقد أنهكه تواصل الإخفاق.
لا نريد حلولاً أشبه بإبر التخدير، علينا أن نبدأ في بناء كرة القدم عصرية من جديد، لنوقف الاحتراف قليلا، لنوقف استيراد اللاعبين الأجانب لعدة مواسم، ولنضع موازنة مالية تتواءم وحجم نفقاتنا، لنتشاور مع خبراء المستديرة في كل مكان، قبل اتخاذ أي قرار.
المعذرة يا اتحاد كرة القدم، فماذا استفدنا من تغيير رزنامة المسابقات، سوى مزيداً من الحسرات، ماذا استفدنا من التعاقد مع المدربين "الخواجات" بمبالغ مرتفعة، سوى مزيداً من الاخفاقات.
المعذرة يا اتحاد كرة القدم، فإن كنتم تؤمنون أن كرة القدم مجرد منتخبات ومعسكرات وتعاقدات، فهي ليست كذلك صدقونا ولو مرة في العمر، فالأندية والفئات العمرية ومسابقاتها عين التطور والازدهار.
المعذرة يا اتحاد كرة القدم، فالأمير علي بن الحسين رئيس الاتحاد اجتهد وبذل كل ما بوسعه من أجل كرة قدم أردنية منجزة، لكن يد واحدة لا تصفق، فأين أعضاء مجلس الإدارة من دعم كرة القدم الأردنية، ولماذا لا يستثمرون علاقاتهم في جلب الرعاة، ولا نعفي ممثلي الأندية من مسؤولياتهم في هذا الجانب.
أجيبوا يا اتحاد كرة القدم على هذه الاسئلة وهي غيض من فيض، علكم تدركون أن ما وصلنا إليه، لم يتوقعه أشد المتشائمين... عليكم بمساءلة أنفسكم فإن كنتم بحجم الحمل فإكملوا المسيرة، وإن كانت الأمور معقدة وصعبة، فالاستقالة قد تكون حلاً جديراً بالتقدير.
مختصر الرواية، ما فعلناه بكرة القدم الأردنية، لم يفعله رامز جلال مع ضيوفه في برنامج "مجنون رسمي"، فكفانا عبثاً.