الرئيسية مقالات واراء
لعامين متتاليين، جادت السماء ـ والحمد لله ـ بأمطار وفيرة، وسط توقعات بأن يكون الموسم الزراعي لهذا العام جيدا، وأفضل من العام الفائت. ويبدو ذلك واضحا من خلال حقول القمح والشعير المنتشرة في مختلف أنحاء المملكة، وبخاصة في مناطق الشمال والشمال الغربي، ومناطق الوسط.
وهذا يعني ضرورة أن تلتفت الحكومة إلى الملف الزراعي بشكل عام، وأن تراعي ـ في مختلف إجراءاتها ـ ما يدعم هذا القطاع، وما يحميه من أية أخطار، بما في ذلك أخطار الحرائق، وأن تستفيد مما حدث العام الفائت، حيث أتت النيران على مساحات شاسعة، ودمرت أحلام الكثير من المزارعين الذين كانوا ينتظرون الموسم لحظة بلحظة، ويراقبون نمو مزروعاتهم أولا بأول قبل أن تلتهم الكثير منها ألسنة النيران.
ففي العام الفائت شهدت المملكة موسما مطريا غزيرا، أدى إلى نمو غير مسبوق للأعشاب، وأدى تواصل الأمطار إلى عدم تمكن المزارعين من حرث أراضيهم، ما زاد من نمو الأعشاب، التي تحولت إلى بيئة مناسبة للحرائق.
وفي هذا السياق تشير معلومات منشورة أن إجمالي عدد الحرائق التي طالت المناطق الحرجية منذ بداية فصل الصيف العام الفائت 2019، بلغ 33 حريقا أتت على 33.500 دونم. وتوزعت الأضرار الناجمة عن تلك الحرائق على التهام 1050 شجرة حرجية بشكل كامل، و 1940 شجرة بشكل جزئي، اضافة الى مئات الدونمات من محاصيل القمح والشعير.
هذا العام "2020" تبدو الأمور أشد خطورة من العام الفائت. فإضافة إلى غزارة الامطار وتواصل عمليات الهطول بما لا يفسح المجال أمام أصحاب الأراضي لحراثتها وإزالة الأعشاب منها قبل اكتمال نموها، جاءت موجة "كورونا"، وفرضت الكثير من الإجراءات من بينها حظر التجول.
وجاءت عمليات منح التصاريح، لتحدد أصحاب الحق بمالكي المساحات الكبيرة، والتركيز على الأراضي المروية، حيث اهملت الحيازات الصغيرة، وانتشرت بها الاعشاب بشكل لافت، وزادت في الكثير من المناطق عما كانت عليه في العام 2019.
ولم يتمكن كثير من المزارعين من حراثة أراضيهم، وغالبيتها مزروعة بالأشجار المثمرة، ومنها الزيتون الذي تحول إلى رافد مهم لاقتصاد الكثير من الأسر، إضافة إلى تلك المزروعة بالحبوب.
وحتى الذين قاموا بحراثة أراضيهم في وقت متأخر، فقد جفت الأعشاب على الأرض، وأصبحت جاهزة للاشتعال بسبب أي مصدر للنار.
اللافت هنا أن من يبحثون الملفات الاقتصادية في المطبخ الرسمي، وتأثيرات "كورونا" عليها، لم يتنبهوا إلى تأثيراتها على الزراعة وبخاصة الزراعات البعلية، ومنها ما يتعلق بالأعشاب وجفافها وما تتركه من أخطار تهدد جانبا مهما من جوانب هذه الثروة.
والمطلوب فقط هو إدخال موضوع الوقاية من الحرائق ضمن برنامجها، وبحيث يتم تقديم المساعدة لآلاف المزارعين من أجل إزالة الأعشاب الجافة من أراضيهم.
وليس صعبا أن تقوم الحاكميات الإدارية وأجهزتها المختصة بحصر البؤر الخطرة، وأن تبادر إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها بما يحمي ثروة نحن بأمس الحاجة إلى مردودها المادي وتأثيراتها البيئية، وبخاصة في مثل هذا الظرف.