الرئيسية مقالات واراء
لقد أسس وبنى المسلمون في جميع بلدان العالم التي نشروا فيها الإسلام مساجداً جسدوا فيها عِظَم فن العمارة والتقدم العلمي الإسلامي في كل المجالات الحياتية، وكانت تلك المساجد آياتٍ من الجمال والروعة وفن العمارة. وتعتبر تحف نادرة في العالم وبالخصوص في بلاد الأندلس (حالياً المملكة الإسبانية) وغيرها من الدول في العالم. ونضرب أمثله عليها جامع إشبيلية الذي تحوّل إلى كنيسة ماريا (بعد سقوط إشبيلية)، ومسجد طليطلة (تم تحويله إلى كاتدرائية)، ومسجد قصر الحمراء الذي كان من أفخم مساجد غرناطة وأشهرها والذي أمر السلطان محمد الثالث بإنشائه على يد أمهر العمال)، ومسجد باب المردوم والذي تم بناءه عام ألف للميلاد تقريباً، (تم تحويله إلى كنيسة نور المسيح بعد سقوط مدينة طليطلة والآن أصبح متحفاً)، وجامع قرطبة (كان الجامع كنيسة مسيحية، ثم اشتراها عبد الرحمن الداخل وحوّلها إلى جامع، وبعد سيطرة الإسبان على المدينة أعيد إلى كنيسة). وكل ما ذكر من أمثله على تحويل المساجد إلى كنائس وكتدرائيات وآخرها جامع قرطبة الذي كان كنيسة وبعد شراؤها حولت إلى مسجد ومن ثم مرة ثانية إلى كنيسة. وحُوّلت كنيسة أيا صوفيا إلى مسجد مع فتح العثمانيين للقسطنطينية لإسطنبول عام 1453، ثم صار متحفا عام 1935 على يد رئيس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، بهدف إهدائه إلى الإنسانية. وسبق أن اقترح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعادة المبنى الأثري المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إلى مسجد مرة أخرى.
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن طبيعة استخدام "آيا صوفيا" تتعلق بسيادة تركيا، مشيرا إلى أن تحويل الكنيسة إلى مسجد مرة أخرى خطوة سيسجلها التاريخ في صفحاته. وقال أردوغان عقب توقيعه مرسوما يعيد كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد بناءا على قرار المحكمة العليا في تركيا، إنه يدعو الجميع لاحترام قرار المحكمة العليا بشأن آيا صوفيا، وأضاف أنه لا يتدخل في شؤون الدول الأخرى، لا سيما في قضية أماكن العبادة، وأنه لا يقبل بالتدخل الخارجي بالشأن الداخلي لتركيا. وأشار إلى أن حق الشعب التركي في "آيا صوفيا" لا يقل عن حق من أنشأه قبل 1500 عاماً. وأكد أردوغان أن آيا صوفيا سيكون مفتوحا أمام كل من يقصده من المسلمين والمسيحيين وكل الأجانب، مشيرا إلى أن أول صلاة في المسجد ستقام في 24 يوليو/تموز الجاري. وكان أردوغان قد وقع مرسوما يحول آيا صوفيا إلى مسجد، وذلك عقب فترة وجيزة من قرار المحكمة الإدارية العليا بإلغاء وضع آيا صوفيا كمتحف. وقالت الهيئة التي أقامت الدعوى إن آيا صوفيا من أملاك السلطان العثماني محمد الثاني، الملقب بمحمد الفاتح، الذي سيطر على المدينة عام 1453، والتي كانت تعرف في ذلك الوقت باسم القسطنطينية، وحول الكنيسة التي كان عمرها 900 عام بالفعل إلى مسجد. وتوالت ردود دولية على هذه الخطوة بالانتقاد، فقد أبدى الاتحاد الأوروبي أسفه بشأن قرار أردوغان، وقال جوزيف بوريل كبير مسؤولي السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن حكم مجلس الدولة التركي بإبطال أحد القرارات التاريخية لتركيا الحديثة وقرار الرئيس أردوغان بوضع هذا الأثر تحت إدارة رئاسة الشؤون الدينية مؤسفان .من جهتها قالت وزيرة الثقافة اليونانية لينا مندوني إن القرار التركي بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يمثل استفزازا صريحا للعالم المتحضر. نتساءل وهل تحويل المساجد التي بناها وعمَّرَها المسلمون في إسبانيا بالخصوص إلى كنائس وغيرها من دول العالم ألا يمثل إستفزازاً للدول الإسلامية والعرب وللعالم المتحضر ؟!