الرئيسية مقالات واراء
لاتفضل المؤسسة الرسمية الأردنية الأسلوب الذي انتهجه مدير مستشفيات البشير في التعبير عن احتجاجه على نقص الكوادر الطبية، ولكن على مايبدو ان حادثة وفاة الطفلة سيرين التي هزت المجتمع جراء تقصير هو محل تحقيق حاليا، دفعت الدكتور محمود زريقات إلى قرع الجرس بعدما حوصرت إدارته باتهامات التسبب بوفاة الطفلة.
زريقات قدم استقالة مطولة أسهب من خلالها في شرح حالة البشير المستعصية كسائر مستشفيات وزارة الصحة، وعزا ما حصل من تقصير لنقص فادح في الكوادر خاصة في قسم الطوارىء الذي تم افتتاحه حديثا.
غضبة الزريقات آتت أكلها، فقد تدخل وزير الصحة دكتور سعد جابر على الفور وأقنع الزريقات بالرجوع عن استقالته مقابل تلبية طلباته بتعيين 300 ممرض و100 طبيب على الفور.
قرار الحكومة بوقف التعيينات حتى نهاية العام الحالي هو الذي حال دون تعيين العدد المطلوب في وقت يسبق افتتاح مستشفى الإسعاف والطوارىء الجديد، وهو نفس المعضلة التي يعانيها اليوم مستشفى السلط الجديد أيضا، فعلى الرغم من التجهيزات الحديثة والمباني المتقدمة، إلا أن إدارته تشكو من نقص الاختصاصيين والكوادر التمريضية.
كان ينبغي التخطيط لمعالجة هذه المشكلة مبكرا، دون الحاجة لمواجهة أزمة إدارية كالتي حصلت في مستشفى البشير.
مقتل القطاع الصحي العام هو في نقص الكوادر وغياب القدرات الإدارية القادرة على تسيير أعمال المستشفيات الحكومية بكفاءة، وتقديم خدمة طبية منصفة وسريعة لجمهور كبير من المراجعين.
والبشير على وجه التحديد تحول مع مرور الوقت والتوسع الهائل في الخدمات إلى مدينة طبية ضخمة تتطلب وجود مديرين مفوضين لتسيير أعماله وعدم الاعتماد على نظام مركزي واحد في الإدارة. وتأسيس نظام رقابة إدارية فعال يضمن التزام الكوادر بتقديم الخدمة للمرضى في الوقت المحدد.
وهذا في اعتقادي يحتاج إلى نظام إدارة خاص يتجاوز التعليمات المقيدة في نظام الخدمة المدنية، ويمنح إدارته مرونة عالية في العمل ومراقبة الأداء والتقييم العادل لمستوى الأداء، ويتلازم ذلك كله مع تعليمات واضحة للعقاب والثواب.
وفي ذات الوقت الحرص على توفير الحوافز اللازمة لاستقطاب كفاءات طبية من أصحاب الاختصاص، ففي معظم مستشفيات وزارة الصحة هناك نقص كبير في أطباء الاختصاص بسبب هجرة الكفاءات للقطاع الخاص او خارج البلاد جراء تدني الأجوار في القطاع العام.
هذه المشكلات المستعصية نعانيها منذ عقود، وفي كل مرة يفتح فيها الملف نتفق على التشخيص لكننا نعجز عن تقديم الحلول الكفيلة بمعالجتها بشكل جذري.
إن الموارد المالية المخصصة لقطاع الصحة تكفي للتعامل مع هذه المشكلات وحلها، إذا ما توفرت إدارة جريئة وكفوءة توظف الموارد بشكل صحيح وتعيد ضبط النفقات وتقليل الهدر الظاهر في مجالات عدة، بحيث تتولى إعادة توجيه المخصصات المالية على النحو الصحيح.
بعد غضبة الزريقات لانريد أن يصبح هذا السلوك نهجا يعتمده كل مسؤول يرغب في تصويب أوضاع قطاعه؛ تهدد بالاستقالة فتنال مطالبك.