الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
ياسر شطناوي - بوضع لا يُحسد عليه، يأتي الدكتور بشر الخصاونة بحكومة جديدة شكّلت في تكوينتها "نسقاً مدمجاً" بين الإستعانة بالخبرات الإقتصادية والسياسية والطبية من جهة، والموازنة في توزيع الحقائب الوزارية وفقاً لجغرافيا الأردن من جهة اخرى مراعياً العرف الذي إعتاد عليه الأردنيون.
الإشارة الأهم جاءت مع أول يوم عمل للحكومة الجديدة، والتي تكمن بتصريحات الرئيس "الذي بدأ نشطاً نوعاً ما" وهو يقول في "أول إطلالة إعلامية" وقبل استقبال التهاني " إن الحكومة سنأخذ كل القرارات حتى المؤلمة لحماية الأردن" ما يدلل ضمنياً على أن الرجل مُدرك تماماً لما سيواجه من ملفات " سبق وأن إستعصت على الحل أمام حكومات سابقة"، وتراه يتحدث بعمق ودراية على أن المسؤولية ليست سهلة والطريق غير مُعبد وجاهز للعبور.
قد يكون ذلك واضحاً من الناحية النظرية لأن الخصاونة جاء اساساً من "رحم مؤسسة القرار" وكان قريباً من الأحداث وتقلباتها خلال عمله السابق كمستشار للملك في العامين الماضيين، الأمر الذي "قد يُبشر" بأن الخصاونة والفريق الحكومي الجديد من الوزراء ومن حافظ فيهم على مكانه سيكونون "أقرب بخطوة للإشتباك مع الملفات الداخلية منها والخارجية" أكثر مما كان عليه وزراء في حكومات سابقة، خاصة تلك التي "أخفقت في أول اختباراتها، بعد أن رفعت شعارات شعبوية لدغدغة المشاعر".
طبعاً الأوضاع الإستثنائية التي تمر بها البلاد بسبب الفايروس اللعين، والإنتخابات النيابية التي "اوشكت صناديق الإقتراع فيها على استقبال الناخبين"، والعجز الكبير بالموازنة، وارقام البطالة المرتفعة، والتغيرات الإقليمية خاصة اتفاقات السلام "التي ابرمها الاصدقاء المقربين"، وغيرها الكثير من الملفات، قد تدفع الحكومة الجديدة إلى السير بوتيرة أسرع "والقفز خطوة مُستعجلة للأمام - على الأقل خلال الـ 100 يوم الأولى من عمرها - وذلك بتوازن وتأكيد على أن يتلمّس الشارع الأردني نتائج هذه الخطوة، وذلك في محاولة مبكرة لـ "رئب الصدع" مع المواطنين، الذين باتوا اليوم غير مكترثين لأسماء الوزراء والتشكيلات الحكومة، بقدر ما يهتمون بمن سيعيد لهم علاوتهم المقطوعة و وظائفهم التي خسروها بسبب الجائحة، و رغيف الخبز الذي اصبح ثمنه باهضاً وغير مدعوم....
يجب أن يُدرك الخصاونة أن "الشارع العام تواق لتلمس النتائج سريعاً" بعد أن اثقلته الخسائر المتتاليه خلال الأشهر الماضية، ولا بد أن تُحقّق الحكومة الجديدة "قولاً وفعلاً" الأنفتاح الكامل مع الشارع العام "وتتبع سياسية المصارحة والشفافية والإبتعاد عن رفع الشعارات الشعبوية" وتوجه بوصلتها فوراً نحو "وضع الإصبع على الألم لمعالجة الهفوات وسد الثغرات التي وقعت" إلى جانب الإسراع في خلق "انفراجة ولو بسيطة" على الناس من خلال نبش الملف الإقتصادي وتحريك السوق، وفتح باب التعيين، وإعادة العلاوات للموظفين...
كل ذلك يتطلب من البشر والفريق الحكومي العمل باستثنائية، والقدوم ببرنامج مختلف شكلاً ومضموناً عما جاءت به الحكومات السابقة، ويتوجب أن يكون الفريق الجديد "متناسق وجريء وقادر على إدارة المشهد بحكمة وتعقل ودون تردد أو تاخير" حتى لو كانت هذه الحكومة "عبور مؤقت" لحين استقرار مؤسسة البرلمان وإجراء تعديل حكومي لو تطلّب الأمر.
اخيراً، لن يكون أمام الدكتور الخصاونة والفريق الحكومي رفاهية الوقت للبحث والتفكير والتقليب، فأزمة الفيروس خلّفت ازمآت احاطت بكل البلاد، ما يتطلب البدء بالعمل فوراً ودون تردد، واتخاذ قرارات انعاشية سريعة وعاجلة.