الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - عهود محسن - في أول اشتباك مباشر بين حكومة البشر "بشر الخصاونة" والمواطنين وبعد نحو 48 ساعة على أدائها القسم أمام الملك، أعادت جريمة طفل الزرقاء طرح الحديث عن هيبة الدولة وسيادة القانون في الشارع بالأحمر العريض.
جريمة الزرقاء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إذا لم تقر الحكومة بسيادة القانون وفرض هيبتها على كامل الأرض الأردنية دون خوف أومحاباة لأي جهة أو شخص ممن يملكون نفوذاً يعيقون به إنفاذ القانون ويساعدون قاطني العالم السفلي للإعتداء على الأردنيين وتعريض سلامة الوطن وهيبة الدولة للخطر.
لا يمكن لعاقل أن يتخيل بشاعة مشهد بتر زندي طفل لم يتجاوز السادسة عشرة وفقء عينيه من خارجين على القانون وتناقل العديد من الفيديوهات والروايات المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى ألسن العامة عن وحشيتهم وتعديهم على القانون والشريعة بحجة الأخذ بالثأر.
يجب الوقوف مطولاً أمام هذه التفاصيل فالقصة ليست مجرد جريمة وإنما هي خروج لمارد فوضى السلاح وتجارة الممنوعات ومحاولة البعض تشكيل مراكز قوى جديدة على الساحة المحلية باستغلال الظروف العالمية غير الطبيعية التي فرضتها علينا جائحة كورونا وما يشهده الإقليم من صراعات دموية لفرض ثقافة جديدة على الأردنيين عنوانها "البلطجة".
اودتني الكثير من الأفكار بعد سماعي تفاصيل الجريمة، غير أن أكثر هذه الأفكار نهشاً لدماغي تمركز حول مدى قدرتنا على تقبل هذه البشاعة والانحطاط القيمي والأخلاقي في المجتمع والفراغ الروحي الذي يعانيه الناس في ظل غياب الخطاب الديني والعقلي وتوجيه الرأي العام بشكل سليم وشرود الإعلام وصعود طحالب الصفقات التجارية على الواجهة ومحاولات فرضهم كبدلاء للصحفيين المهنيين الذين نذروا أقلامهم في سبيل الحق.
السنوات الماضية بكل ما مر فيها من أحداث دموية لم يعهدها الأردنيون حملت معها الكثير من التشوهات النفسية والفكرية التي جعلت فئات معينة تستغل هذه الظروف لخلق سواتر تختبء تحتها باستغلال ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع حجم ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وازدياد معدلات الجريمة لتعميم ثقافة زاوجت المال والسلاح لتعزيز سطوة الفساد وإرساء شريعة الغاب بدلاً من القانون .
فبحسب التقرير الإحصائي الجنائي الذي نشرته مديرية الأمن العام على موقع ادارة المعلومات الجنائية ارتفعت معدلات الجرائم المرتكبة في الأردن العام 2019 ، ووصلت نسبة الارتفاع الى 7.57 % مقارنة بالعام 2018.
ولفت التقرير إلى أن أصحاب الأعمال الحرة هم الأكثر ارتكابا للجرائم ، فيما جاء المتعطلون عن العمل في المرتبة الثانية في ارتكاب الجريمة.
ويظهر التقرير أن أكثر الأسباب التي دفعت لارتكاب جرائم القتل العمد والقصد خلال العام 2019 ، هي الخلافات الشخصية وبنسبة 48.18 %، تلتها جرائم الخلافات عائلية وشكلت ما نسبته 30.91 %، في حين جاءت دوافع الثأر والدفاع عن النفس والمجهولة الأقل نسبة (0.91 %).
وبلغت نسبة الزيادة في جرائم القتل والعمد والقصد بنسبة 30.95 %، والشروع بالقتل بنسبة 3.16 %، وجرائم السرقات بنسبة %، جرائم الاحتيال 7024 %، جرائم اطلاق العيارات النارية 16.3 %، والقضايا الأخلاقية 0.71 %، بينما انخفضت جرائم الإيذاء البليغ الى نسبة 1.48 %.
ويشير التقرير الى ان الفئة العمرية (18-27) عاما كانت الأكثر ارتكابا لجرائم القتل العمد والقصد وبنسبة بلغت 33.83 %.
ما جاء في تقرير المعلومات الجنائية يختصر الحكاية ويفتح الأبواب على مصاريعها لفضح المخفي وليس المستور فالستر رداءُ من رحمة الله، افتقده دعاة الإفساد في الأرض بنشرهم الرذيلة والموت ومنع يد القانون من الوصول إليهم.
قلتها وأكررها لست مع فرض أي قيود جديدة على حريات الأفراد أو تبرير استخدام القوة تجاه أي كان، لكن المجاهرة بتحدي الدولة ومحاولة اختبار قوتها تدفعني للمطالبة كغيري من الأردنيين بتعزيز سيادة القانون وحماية المجتمع من تبعات خروج مارد فساد السلاح والدم لشوارعنا وأحيائنا وبيوتنا فالأمور لم تعد تحتمل التأجيل والتسويف وكلنا مستهدفون بمقصلة الفساد.