الرئيسية مقالات واراء
هذا الذي يظنُ أنه الرقم واحد، ينزل من طائرة خاصة يرفل ثوب الذهب، مثل امرأة محدثة النعمة، يلبس نظارة في الليل، مثل أنصاف المجانين، يغني نصف عار لإبراز العضلات التي أمضى ثلث حياته بتربيتها. هذا الذي تشكون جنونه بنفسه، وتستنكرون جحوده، وتعاليه فوق سماء النسر، أنتم الذين أوصلتموه إلى الرقم واحد، بأصابعكم. أنتم الذين أصعدتموه إلى المسرح ليهذي كأنما يغني، بأكفكم. أنتم الذين رددتهم هذيانه حتى تسممت آذاننا، بألسنتكم.
أنتم الذين تشاهدون كل عام حكاياته المحروقة لـ بلطجي ساخط يتعرض دائماً للحبس، ثم يخرج لينتقم من الحي كله، بذراع مفتولة. أنتم الذين تصدقون دمعه الذي من شدة كذبه لا يسقط إلا من عين واحدة. أنتم الذين تدخلون إلى دار السينما لمشاهدة قصة “عشوائية” معروفة نهايتها قبل أن تُكتب. فلماذا تتذمرون الآن من سلوكه، وطيشه، وبطشه. حتى وأنتم تتذمرون منه، تروجونه بذكر اسمه، وتكراره، وإن جاء شهر رمضان، عفا الله عما سلف!
لو أنكم قبل أن تضغطوا على زر الإعجاب، تتمهلون. لو أنكم قبل أن تنقروا لفتح الفيديو، تتشاغلون. تخيلوا قبل أن تضغطوا على زر الإعجاب منقل الشواء حامياً. تذكروا قبل أن تنقروا لمشاهدة الفيديو، فتح النوافذ لطرد ذبابة. اجعلوا الأمر شاقاً، مثل المشي بعد الركض، ومثل خلع الجوارب قبل النوم. نفذوا هجرة جماعية من عالمه المغلق على العُقد.. عند الضغط على زر إلغاء الإعجاب تذكروا قطعة اللحم بعد الشواء!
ليس من الطبيعي أنه كلما فتحتُ نافذة تويتر أعلَقُ في قلادة ذهبية من مصوغاته، ولا من المنطقي أنه كلما مررت بفيسبوك، أتعثر بأغنية له خالية من الغناء. صوره الباذخة، المثخنة بالأمراض، تطردني من عالم انستغرام الملون. مقاطعه العنيفة المتحركة على يوتيوب، تجبرني على العودة إلى زمن القناة الأولى. أخشى أن أكتب أي شيء على غوغل، فيُكمل البحث التلقائي اسمه، وأخبار سياراته، وساعاته، رغم أني أكتب فقط مستفسراً عن عُقدة النقص.
مشكلتي الآن ليست معه، فحين لا أجد فيلماً جديداً لموهبة سمراء، أستدعي ثلاثة أفلام من عقد الثمانينيات لـ أحمد زكي، في سهرة واحدة، ولما أتلفت فلا أجد شيئاً من علم الكيمياء في السينما الحديثة، أُخرج من التلفاز الذكي تركيبة وحيد حامد وعادل إمام، أما حين لا أعثر في فيلم حديث على الأرض الواقعية القابلة للمشي، فليس أمامي إلا الوراء، حيث الطرق المتربة التي مشى عليها عاطف الطيب ونور الشريف.
إذاً مشكلتي معكم.. أنتم يامن تضغطون على زر الإعجاب، بأصابعكم، ولا تتذكرون منقل الشواء!