الرئيسية أحداث محلية
أحداث اليوم - في محاولة للحد من الآثار السلبية الاقتصادية التي خلفتها أزمة كورونا وتخطيها، توجه عدد من أصحاب المحلات التجارية الى تحويل نشاطهم لقطاعات أخرى، حسب اعتقادهم، أكثر أمانا، كالأغذية لتساعدهم على البقاء وتخفيف الخسائر الكبيرة التي تحملوها خلال الفترة السابقة.
وفي الوقت الذي اعتبر مراقبون ومواطنون وفقا ليومية الراي أن تحويل نشاط بعض المنشآت لقطاعات اخرى أكثر طلبا وحيوية: كالغذاء والصحة والتقنيات الرقمية وغيرها هي خطوة حتمية في ظل أزمة كورونا لتدارك الخسائر المتراكمة، أبدى آخرون عدم اتفاقهم مع ذلك كونه أمرا يكرس عدم الاستقرار بالعمل ونوعيته الذي يبنى أصلا لمدة طويلة الأمد على حد قولهم.
ويعاني أصحاب محلات تجارية من ركود كبير وخسائر جمة بسبب تداعيات جائحة كورونا، وعدم مقدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم على مستوى الأجور والرسوم والضرائب وغيرها، مما حدا ببعضهم لبيعها أو تأجيرها أو اغلاقها أو التوقف عن نشاطها حتى إشعار آخر لوقف الخسائر، وآخرين فضلوا تحويل نشاطهم بالكامل لقطاعات أكثر أمانا، تمكنهم من الحصول على إيرادات تنشط عملية البيع والشراء في الأسواق.
سمير الريماوي، صاحب مكتبة، قال إنه اضطر لتحويل المكتبة الى محل معجنات كون قطاع الأغذية والأطعمة لا يخسر حسب قناعته، وبسبب الخسائر التي تكبدها منذ بداية أزمة كورونا وتوقف التعليم الوجاهي، وتراكم الديون عليه وزيادة التزاماته، متمنيا ان تكون هذه الخطوة بالاتجاه الصحيح لتعويض الركود والخسائر التي مني بها.
أما رائد المومني، وهو صاحب محل أزهار، فقال إن إيرادات محله اختفت بسبب توجه المستهلكين للأساسيات، والظروف التي رافقت كورونا، مما جعله يفكر بشكل جدي لتحويله الى نشاط حيوي وله إقبال كمحل خضار مثلا، مبينا أن ذلك صعب قليلا لأن عمله مع قطاع الأزهار مضى عليه وقت كبير، إلا أن الواقع الحالي يفرض عليه التعامل بطريقة مختلفة، لتلافي خسائر واضرار مقبلة.
من جهته اعتبر رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق أن كثيرا من القطاعات المنكوبة تضررت بسبب كورونا والإغلاقات، كالقطاع السياحي والخدمات وقاعات الأفراح والقطاعات المساندة له من محلات زهور وتنظيم الحفلات والمقاهي غيرها، حيث جزء منهم لم يستطع الصمود وأغلق، وجزء اصبح متعثرا، واخرون أغلقوا مؤقتا على ان يعودوا لنشاطهم بعد الأزمة، ومنهم غير نشاطه بالكامل.
وأضاف ان معظم المحلات التجارية تحولت لقطاع الاغذية لقناعتهم أنه القطاع الأكثر أمانا خصوصا في مجال التجزئة والتوزيع، علما ان هذا القطاع ايضا تضرر بسبب وقف التزويد للمطاعم والفنادق والمناسبات.
وأكد توفيق ان الحكومة ملزمة بتأمين التعويضات للمتضررين من هذه القطاعات، وإنشاء صندوق للإقراض والتعويض دون فوائد مع إعطاء فترة سماح، او بفوائد مخفضة جدا، والعمل على قوننة التعويضات بحيث تكون ضمن قانون ومحددات وآليات لضخ السيولة أو تأجيل مدفوعات الضمان والضريبة والجمارك لكل قطاع حسب حجم الضرر، لا على نظام الفزعة، عبر لجان متخصصة وخبراء، لافتا إلى أن خطأ كبيرا كان بعدم تشخيص وضع القطاعات في ظل أزمة كورونا ووضع الحلول المناسبة.
ولفت إلى ضرورة الإسراع بالحلول، لأن الآثار المترتبة لإغلاق بعض القطاعات وتوقفها باهظة جدا، كإغلاق العديد من الشركات الوطنية، وتسريح آلاف الموظفين وانتشار البطالة، كما أن المنافسة في السوق ستقل، وايرادات الحكومة ستتراجع من ضريبة وجمارك، بالإضافة الى تراجع الاستثمار والنمو الاقتصادي والاستهلاك وغيرها، مطالبا البنوك بتحمل مسؤوليتها وإعطاء مزيد من التسهيلات، حيث لم تقم بواجبها كما يجب حتى الان على حد قوله.
ممثل قطاع الألبسة والأقمشة والجوهرات وعضو غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي اكد ان التجارة تبنى لأن تكون طويلة الأمد، وبالتالي تحول بعض المحلات التجارية لنشاطات أخرى لتعويض الخسائر هو يكرس عدم الاستقرار في العمل ويعتبر امرا غير صحي، ولا بد من وجود تعويضات وحلول أخرى تمكنهم من الاستمرار.
وبالنسبة لمحلات الألبسة، قال إن لها خصوصية وأسواقا معينة في مناطق محددة، ومن الصعب تحولها لنشاط آخر كالأغذية او الصحة وغيرها، فطبيعة المكان تفرض نفسها، إلا ان عددا منها اضطر للإغلاق لعدم امكانية التاجر من الاستمرار، او البقاء بخسارة بسبب عيوب قانون المالكين والمستأجرين الذي يحتم عليه عدم الإغلاق الا بعد انتهاء العقد الذي غالبا يكون لمدة طويلة تصل لعشرات السنوات.
ودعا القواسمي الى تقديم اعفاءات للقطاعات التجارية المختلفة من رسوم وجمارك وضرائب والتي منيت بخسائر جراء كورونا، لتخفيف الأعباء عنها، وتنظيم قانون المالكين والمستأجرين، وترتيب إجراءات جديدة تساعد أصحاب العمل البسيطة، معتبرا ان القطاعات بكافة أشكالها تلقت عددا من الضربات الموجعة منذ بداية أزمة كورونا وحتى الان.
«إن كورونا جاءت لتقول ان اي قطاع اقتصادي لن يستمر اذا لم يكن منسجما مع حاجات الناس الجديدة والأساسية»، يقول المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش، فوفق ذلك قطاعات اما تأثرت او توقفت واحتمال عودة نشاطها مستبعد، وبالتالي وجد بعض التجار ان تحويل نشاطهم للقطاعات التي يتفق عليها المستهلكون خصوصا بعد كورونا كالأغذية والصحة والتقنيات الرقمية هي فرصة لتدارك الخسائر.
وأضاف أن القطاعات التي تهاوت أو بدأت تتهاوى تأخذ شكل المجتمع في علاقاته الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وهذا شكل حالة من الضبابية وعدم التأكد فيما يتعلق بالمستقبل، وخلق للكثيرين اشكالا جديدة من النشاطات، فالأمور تتغير على كل المستويات للتحول نحو قطاعات أخرى خلفتها نتائج أزمة كورونا.
وأكد عايش ضرورة أن تؤدي الحكومة دورا جديدا في ظل الأزمة، بحيث يكون دورها اكثر فعالية وتأثيرا في كل القطاعات، والوصول لتوازنات جديدة تأخذ بعين الاعتبار كل المتغيرات، ويستدعي ذلك القيام بقوننة التعويضات، وابتكار أدوات وافكار أكثر انسجاما مع الواقع وتحسينها، ناهيك عن رؤية حكومية جديدة وأداء نيابي مختلف، واعادة سياسة بعض الأنظمة التي تتلاءم مع كورونا.
وشدد على أن الانعكاسات ستكون سلبية في حال استمرار الضبابية وعدم تقييم الحالة وجدواها، حيث ان نسبة العاطلين ستزداد والقطاعات ستغلق، والديون ستتضاعف، بالإضافة الى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، من عدم سداد الكلف وغيرها والوفاء بالالتزامات.