الرئيسية مقالات واراء
أما وقد انتهت الانتخابات النيابية، وبات لدينا مجلس نيابي جديد، وبدأ النواب بأخذ دورهم التشريعي والرقابي والسياسي، وبتنا على مشارف انتخابات بلدية ومجالس محافظات يتوقع ان تجري الصيف المقبل، فإنه بات من الضرورة بمكان ان يتم التفكير من خلال كل المراجع بالدولة بفتح حوارات عميقة وواسعة حول قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات المجلس الحالي والذي سبقه.
لا يعني الكلام عن إعادة النظر بقانون الانتخاب أن يتم ذلك خلال دورة المجلس الحالية او الذي تليها، وانما علينا قراءة كل الملاحظات التي ظهرت خلال الانتخابات الماضية التي جرت، ومعرفة مكامن القوة في مواده ومكامن الضعف، ومن ثم فتح حوارات معمقة بشأنه وإدخال تعديلات على بعض مواده بحيث يتم تلاشي أي ملاحظات ظهرت وبرزت خلال سير العملية الانتخابية، وأعتقد جازما أن الهيئة المستقلة للانتخاب ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب واطرافا اخرى في الدولة لديها الكثير من الملاحظات على بعض المواد في قانون الانتخابات.
خلال الفترة الماضية ظهرت الكثير من الملاحظات حول قانون الانتخاب، وبالمجمل فإنه من الطبيعي جدا اخذ الملاحظات التي تجمعت بعين الاعتبار، وخاصة لجهة تجويد المواد وتعزيز مبدأ المشاركة في الانتخابات وتحقيق العدالة بشكل أشمل وأوسع، وتعزيز مبدأ الديمقراطية التي أشار اليها جلالة الملك في اكثر من مناسبة وخاصة في الاوراق النقاشية.
الحكومة الحالية التي سحبت مشروع قانون الادارة المحلية من مجلس النواب بهدف تجويده وإعطائه مزيدا من المراجعة والدراسة والتكامل بين مجالس البلديات والمحافظات للوصول إلى صيغة قانون توافقي عصري يلبي متطلبات جميع الأطراف، إضافة إلى تطوير تجربة اللامركزية، الحكومة عليها بعد الانتهاء من ملف قانون الادارة المحلية وانجاز استحقاق انتخابات اللامركزية والبلدية ستذهب بالضرورة للنظر لقانون الانتخاب باعتباره نظاما اساسيا لأي تطور ديمقراطي مرتقب.
صحيح ان اي تعديل تشريعي يتوجب ان يمر بغرفتي التشريع النواب والاعيان، وصحيح ان لهما الرؤية النهائية في تعديل مواد القانون، بيد أن ذاك لا يمنع من فتح حوار بداية حول قانون الادارة المحلية ولاحقا حول قانون الانتخاب، ولا يضير ديمقراطيتنا ان نفكر بشكل أوسع وأشمل لإشراك الاحزاب السياسية في ورشات عمل مكثفة والاستماع لوجهات نظرها بشكل حقيقي حول التعديلات على قانوني الادارة المحلية وبعد ذلك على الانتخاب.
وقبل ان يقول قائل انه من المبكر ونحن نستقبل مجلسا نيابيا جديدا التفكير بتعديل قانون الانتخاب، وقبل ان يعتقد البعض ان الذهاب لإجراء تعديلات على قانون الانتخاب يعني امكانية تقليص عمر المجلس الحالي، بيد ان ذاك ليس حقيقيا ابدا اذ ان اي تعديل للقانون قد لا يتم قبل الدورة الثالثة للمجلس الحالي وسيكون هناك متسع من الوقت لكي تتعرف جميع اطراف المعادلة على القانون الجديد ومواده وتعديلاته، وطريقة التعامل معه وبالتالي ترك مساحات أوسع لعقد التحالفات وإنشاء التكتلات السياسية.
الامر الحقيقي انه لا يمكن ان نذهب بعيدا نحو تعزيز المشاركة السياسية دون ان نعزز مبدأ الديمقراطية وتكافؤ الفرص والعدالة، وان نذهب للتأسيس للدولة الحديثة دولة المؤسسات والقانون التي تقوم على الشفافية والمحاسبة ونبذ اي توجهات جهوية او طائفية او اقليمية او جندرية، ولهذا فانه من واجبنا جميعا لأننا نحب الاردن ونسعى لرفعة شانه ان نفكر بعقل بارد تجاه اهمية تعزيز المشاركة والديمقراطية، ولعل البداية الحقيقية ستكون من خلال قانون الادارة المحلية المسحوب حكوميا من مجلس النواب ومن ثم قانون الانتخاب، وهذا لا يعني هدم مواد قانون الانتخاب الحالي وانما ادخال تعديلات جوهرية على بعض المواد بحيث يصبح القانون اكثر مرونة وتشاركية.