الرئيسية أحداث محلية
أحداث اليوم - أجمع أطباء ومختصون في القطاع الصحي على أن "مخاطر إغلاق المدارس والجامعات تفوق فوائده الصحية بكثير"، لافتين في ذلك ما تم اثباته في الدراسات الدولية من أن "المدارس ليست بؤرا لنقل العدوى أو انها أكثر نشرا للوباء من الاماكن الأخرى".
وقال هؤلاء خلال ندوة حوارية طبية نظمتها مبادرة "جسد واحد في مواجهة الكورونا" بالتعاون مع حملة "نحو عودة آمنة لمدارسنا" مساء اول من أمس تحت عنوان "كورونا والتعليم المدرسي والجامعي" إن "الخسارة في التعليم ستنعكس حتما خسارة في الصحة ولو بعد حين".
لفت الخبراء الى أنه وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فإن الصحة لا تقتصر على الجانب العضوي الجسدي فحسب بل تشمل الجوانب العقلية والنفسية والاجتماعية، بالتالي فإن المنظور الصحي الشامل لابد أن يراعي حالة مئات الآلاف من الطلبة المنقطعين عن مدارسهم وجامعاتهم منذ آذار الماضي، تماما كما يراعي مرضى الكورونا والمرضى على أسرة العناية الحثيثة.
ودعا المشاركون في الندوة وهم من الأطباء وخبراء الصحة الأردنيين المقيمين في الأردن والمهجر الى ضرورة اعتبار التعليم عملية أساسية في المجتمع ولا تنفصل عن الصحة، معتبرين ان كلفتها الان تكاد تكون من أكبر الكلف التي نتجت عن انتشار الوباء.
وشددوا على ان "لا بديل عن التعليم الوجاهي، ومهما تفشى الوباء مجتمعيا لا بد من بقاء قدر من التعليم بشكل وجاهي".
وخلال الندوة قدم استاذ طب المجتمع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حاتم جابر عرضا حول واقع الوباء في العالم ومحليا، مبينا أن فيروس كوفيد-19 هو واحد من ثلاثة فيروسات ضمن عائلة الكورونا، هي ميرس، سارس، كوفيد-19، لافتا الى انه كنسبة وفيات فان وفيات فيروس ميرس هي الاعلى، اما الوفيات في كوفيد-19 فتبلغ 2% من الحالات المؤكدة مخبريا، واذا ما ضفنا الحالات غير المؤكدة والتي تشكل 8 الى 10 اضعاف الحالات فان نسبة والوفاة من الاصابة بفيروس كوفيد-19 تكاد تكون 0.2%.
ولفت جابر عند المقارنة بين فيروس كوفيد-19 والانفلونزا العادية، فان نسبة الادخال الى المستشفى اعلى في حالة الانفلونزا العادية، وفي حين أن نسبة الوفيات للانفلونزا تصل الى 0.059% فانها تبلغ 0.2% في فيروس كوفيد-19.
اما ما يخص الفئة العمرية دون سن الثلاثين، فبين جابر ان الدخول للمستشفى لدى هذه الفئة اقل بالمقارنة عند الاصابة بالانفلونزا أما معدلات الوفاة فهي متساوية بين الانفلونزا والكوفيد-19.
وفيما يخص الوضع داخل الاردن، فلفت الى أن الوضع الوبائي في الاردن أخذ بالتحسن خلال الاسابيع الماضية، فنزل عدد الفحوصات الايجابية من 28% الى 4% حاليا، وهذا يعطي نوعا من الارتياح لفتح المزيد من القطاعات.
وشدد جابر على ضرورة أن تكون العينات عشوائية، لافتا الى أن عينات المخالطين والقادمين من السفر طبيعي ان تكون بها النسبة الايجابية اعلى من العشوائية، بالتالي فان المعيار لقياس الوضع الوبائي هو العينات العشوائية.
وتابع "حاليا لدينا 300 الف اصابة مؤكدة نسبة الوفيات لهذه الحالات المؤكدة 1.3%"
وزاد "اذا ما حسبنا ان 8 الى 10 اضعاف الحالات غير مكتشفة فاننا نتحدث عن 2 الى 3 مليون شخص اصيبوا في الفيروس في الاردن".
ولفت كذلك الى توفر المطعوم الذي سيتم البدء باعطاءه يوم الاربعاء، معتبرا ان وجود فترة شهر من بدء اعطاء اللقاح وبداية الفصل الدراسي الثاني فان ذلك يعطي اريحية بالعودة للتعليم الوجاهي خصوصا اذا ضمنا اعطاء المطعوم للفئة الاكثر تعرضا للمرض والاكثر تاثرا به.
وحول تحور الفيروس، اكد جابر أن هذا ما حصل للفيروس هو تحور ببعض جزئياته وليس سلالة جديدة، ما يعني ان هذا التحور لم يغير في المرض ولا علاجه ولا اثر المطعوم، لكنه جعل الفيروس اكثر انتشارا بنسبة 50 الى 70% لكن ليس اكثر حدة.
حول علاقة الوباء باغلاق المدارس استعرض جابر مجموعة من الدراسات العلمية الموثقة والصادرة عن منظمة الصحة العالمية والتي تبين انه عندما يكون انتشار العدوى في المجتمع منخفضا فإن فتح المدارس والجامعات لا يؤدي إلى زيادة هذا الإنتشار.
وزاد أن تطبيق الإجراءات الوقائية والكشف السريع عن الإصابات في المدارس والجامعات ومتابعة المخالطين قد أدت إلى احتواء التفشي كما ان إصابات الأطفال دون 18 سنه بالمرض تكون خفيفة وأقل شدة من إصابات البالغين
ولفت الى ان قابلية الأشخاص الذين أعمارهم دون 20 سنة للإصابة بالعدوى تعادل نصف قابلية من تقع أعمارهم فوق 20 سنة فضلا عن ان بقاء الفيروس يستمر عند الأطفال لفترة أقصر من البالغين كما ان ادخال المستشفيات اقل وفيات نادرة جدا ومتشابه مع الانفلونزا العادية
وختم جابر بالقول إن "مخاطر إغلاق المدارس والجامعات تفوق فوائده.. هذا ما يفتقده الطلاب في التعليم عن بعد، فاستفادة الطالب من الذهاب إلى المدرسة والجامعه، لطالما كانت أكبر من الضرر بإصابته بعدوى من أي نوع، لافتا الى ان هذه الاستجابة ليست اكاديمية فقط بل اجتماعية ونفسية ونمائية وسلوكية.
وشدد على أن الأطفال في معظم الحالات يلتقطون العدوى من الكبار، وليس العكس. أي أن الأطفال عموماً ليسوا مصدراً رئيسياً للفيروس، بل ثانوياً وبين أن "اصابات الاطفال تكون غالبا في المنازل اما الاصابات في المدرسة أو من طالب لطالب فهي نادرة".
من جانبه بين اخصائي طب الاسرة الدكتور أنس المحتسب وهو حائز على شهادة الماجستير في الاقتصاد الصحي أن تجارب العديد من دول العالم اتسمت بمحاولة الموازنة بين الصحة من جهة وبقية مقومات القوة لدى الأمم والمجتمعات من جهة أخرى وعلى رأسها التعليم، وجاء ذلك منسجما مع التوصيات الصحية العالمية التي اعتبرت إغلاق المدارس هو الملاذ الأخير، أي في حال وصول المستشفيات الحدَ الأقصى من الطاقة الاستيعابية.
واضاف "يعتبر التعليم من أهم المحددات الاجتماعية للصحة وعليه فإن الخسارة في التعليم ستنعكس حتما خسارة في الصحة ولو بعد حين.
من جانبها استعرضت العضو المؤسس في حملة نحو عودة آمنة لمدارسنا الدكتورة أسيل جلاد توصيات الحملة لضمان العودة الآمنة الى المدارس، مبينة انه وبحسب اخر الارقام الصادرة عن منظمة اليونسكو نهاية الشهر الماضي فان 12 دولة حول العالم فقط اغلقت مدارسها بسبب كوفيد-19 منها الاردن، في حين ان غالبية دول العالم لجات للفتح الكامل للمدارس او التعليم الهجين.
وشملت توصيات "عودة آمنة" اعطاء الاهل الحق في اختيار التعليم وجاهي او عن بعد، الفتح التدريجي للمدارس، وضع خطط لتجنب الاكتظاظ كتطبيق نظام التناوب في المدارس المكتظة، وتطبيق بروتوكول صحي محدد التعامل مع الحالات في المدارس، وان يكون الفتح والاغلاق على مستوى المدرسة والمنطقة وليس الدولة كاملة، كما تضمنت الاقتراحات تطبيق نظام الفقاعات للحد من الاختلاط بين الطلبة وان يكون الاغلاق في حال ظهور حالات على مستوى الصف وليس المدرسة كاملة.
وخلال الجلسة تم استعراض تجارب لعدة دول كندا، المانيا، امريكا، استراليا وقطر، وبريطانيا حيث بين الاطباء والمختصون المشاركون من تلك الدول ان خيار الاغلاق الشامل لم يكن سوى في بداية ازمة جائحة كورونا في اذار، في حين تم استئناف التعليم بعد ذلك.
كما تبنت الدول عدة نماذج في اعادة فتح المدارس بحيث يكون القرار على مستوى المدرسة أو المنطقة، ولا تكون الاغلاقات شاملة، ففي حال ظهور حالة يتم اغلاق الصف لمدة 5 الى 7 ايام وبعد ذلك يتعطل الطلبة المصابون فقط.
وشملت اجراءات الفتح اعطاء الاولوية للتعليم في المراحل الابتدائية بان يكون وجاهي بشكل كامل، وتطبيق نظام المناوبات للصفوف الاكبر، فضلا عن اعطاء الحق للاهل باختيار التعليم الوجاهي او التعليم عن بعد.
وشملت الاجراءات تهوية الصفوف كل ساعة ونصف، وزيادة عدد الحصص في الهواء الطلق.
وحتى في حالات الاغلاقات الشاملة في حالات تفشي الوباء فإن الاغلاق المدارس كان خيارا اخيرا، كما ان المدارس بقيت مفتوحة لحالات الاطفال الاكثر ضعفا او ابناء العاملين في القطاعات الرئيسية.
من جانبه تقدم الخبير في السياسات الصحية والاقتصاد الصحي الدكتور يوسف زوانة مجموعة من التوصيات والتي اكدت أن لا بديل عن التعليم الوجاهي، ومهما تفشى الوباء مجتمعيا لا بد من بقاء قدر من التعليم بشكل وجاهي.
ووفق التوصيات فإن التعليم عن بعد أثبت قصوره الشديد في تحقيق المتطلبات التعليمية، خصوصا في المدارس الحكومية، وترك انعكاسات خطيرة على المستوى التعليمي لجيل كامل لم يتلق تعليما حقيقيا كافيا طيلة فصل ونصف، وهو أمر قد لا يمكن تعويضه مستقبلا. هذا فضلا عن أن الإغلاق المبكر للمدارس لم يمنع من الوصول إلى أعداد إصابات مرتفعة جدا ولا خفّض نسبة الوفيات في المستشفيات.
على الرغم من التطورات الإيجابية الأخيرة في مجال تطويرواستخدام اللقاحات، إلا أنه من المتوقع أن يستمر انتشار وباء الكورونا في التأثير على حياة المجتمعات في المستقبل المنظور، وهذا يؤكد أهمية اعتماد سياسات طويلة المدى تتيح للمجتمع أن يستمر في العمل والإنتاج في ظل الوباء"
ودعا زوانة في التوصيات التي قدمها لعودة العملية التعليمية الوجاهية بشكل منتظم مع بداية الفصل الثاني في رياض الأطفال والمدارس والجامعات مشيرا إلى أن تخفيف الاكتظاظ في الصفوف والقاعات الدراسية وتطبيق الإجراءات الوقائية التي تمت الإشارة إليها في الأوراق الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والمعتمدة في مختلف دول العالم، كفيل بتحقيق شروط العودة الآمنة للتعليم.
وشدد زوانة على اهمية الانتقال من منهجية التعامل الكلي مع كافة المناطق الجغرافية في المملكة إلى مبدأ إدارة الحالة الخاصة لكل محافظة بناء على مستوى انتشار الوباء وإشغال المستشفيات وقدرة المدارس والجامعات في تلك المحافظة على تطبيق الإجراءات الوقائية.
واشار الى اهمية اعتبار المعلمين وأساتذة الجامعات ضمن الفئات ذات الأولوية القصوى في الحصول الاختياري على لقاحات كوفيد-١٩ أسوة مع العاملين في القطاع الصحي. وأن يكون التعليم وجاهيا في الجامعات، وتحديدا في المختبرات والتدريب العملي والسريري وأي مساق يحتم اكتساب مهارات عملية، وكذلك كافة مساقات الدراسات العليا وكافة التقييمات والامتحانات كحد أدنى. وأن تقوم الجامعات بإحداث نقلة في المحتوى وأسلوب التعلم عن بعد بحيث يكون تفاعلياً كاملاً.