الرئيسية أحداث منوعة

شارك من خلال الواتس اب
    الألماس أكثر صلابة مما نعتقد
    ألماس

    أحداث اليوم - لا يعتبر الكربون رابع أكثر العناصر وفرة في الكون فحسب، بل إنه لبنة بناء جميع أشكال الحياة المعروفة، كما أنه يوجد في باطن الكواكب الخارجية الغنية بالكربون؛ ولذا فإنه يحظى باهتمام كبير من قبل العلماء.

    وللكربون خصائص غريبة؛ إذ يمكنه -منفردا- أن يكوّن الجرافيت وافر الانتشار والأقل صلابة، أو الألماس نادر الوجود شديد الصلابة. ويرجع ذلك إلى قدرة ذرات الكربون على الارتباط ببعضها البعض وترتيب نفسها مكونة أشكالا بلورية مختلفة، ولكل منها خصائصه الفيزيائية المميزة؛ وهي ظاهرة تعرف بالتآصل (Allotropy).

    إلا أن ترتيب ذرات الكربون بهذا الشكل أو ذاك يخضع إلى تأثير عوامل خارجية، مثل الضغط ودرجة الحرارة؛ إذ يتكون الجرافيت والألماس عند ضغوط مختلفة؛ فبينما يتشكل الجرافيت في ظروف الضغط المحلية، فإن الألماس يتكون عند ضغط يقدر بـ5 إلى 6 غيغاباسكال في باطن الأرض.

    بالإضافة إلى ذلك، فقد توقّع العلماء أن هناك العديد من الهياكل البلورية التي يمكن أن يتخذها الكربون، والتي تتكون عند ضغط يقدر بأكثر من ألف غيغاباسكال، أي ما يزيد على الضغط الموجود في لب الأرض بمقدار 2.5 ضعف.

    جاءت التوقعات السابقة نتاجا لعمليات نمذجة الكواكب الخارجية، والتي لم يتم التحقق منها معمليا. كما اعتقد العلماء سابقا أن بنية الألماس تخضع لحالة شبه مستقرة، والتي ما تلبث أن تتحول لحالة أكثر استقرارا في ظل ظروف من الضغط المرتفع جدا.

    غير أنه يصعب الوصول إلى ذلك الضغط المرتفع جدا سوى في باطن الكواكب الخارجية الغنية بالكربون، وهو ما يجعل دراسته أمرا صعبا للغاية، وحتى إن تمكنا من الوصول إلى ضغط عالٍ، فإن من الصعب فحص المادة الواقعة تحت تأثيره.

    وفي دراسة حديثة نشرت نتائجها في دورية "نيتشر" (Nature) في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، اكتشف العلماء في مرفق الإشعال الوطني الأميركي (Nation Ignition Facility) التابع لمختبر لورانس ليفرمور الوطني (Lawrence Livermore National Laboratory) ومن جامعة أكسفورد (University of Oxford)؛ أن الألماس يُبْقِي على بنيته البلورية عند ضغوط أكبر 5 مرات من تلك الموجودة في باطن الأرض.

    وبالتالي، فإن هذه النتائج تُناقض التوقعات الخاصة بشأن تحول الألماس إلى بنية أكثر ثباتا تحت تأثير الضغط العالي جدا.

    ورغم تمكن بعض الطرق المعملية السابقة من الوصول إلى ضغوط عالية، فإنها كانت تتسبب في إتلاف العينة قبل فحص هيكلها البلوري. وتغلب الفريق -بقيادة آمي لازيكي جيني- على هذه العقبة باستخدام نبضات من الليزر المُنحَدَر، وذلك لإحداث ضغط مقداره ألفي غيغاباسكال على عينة من الكربون الصلب. وفي الوقت ذاته، قام العلماء بفحص البنية البلورية للعينة، مستخدمين حيود الأشعة السينية ذات مَيْزٍ زمني في مدى من النانوثانية.

    وحسب البيان الصحفي الذي نشره مختبر لورانس ليفرمور الوطني، فقد عقّبت جيني على النتائج قائلة إن "الكربون لا يتحول إلى أي من الحالات الأكثر استقرارا التي صيغت سابقا، لكنه إنه يحتفظ ببنية الألماس البلورية حتى في ظل أعلى ضغط أمكننا الوصول إليه".

    وتُرجع جيني السبب في ذلك إلى "الروابط فائقة القوة التي تربط بين الذرات، والتي تتطلب طاقة كبيرة لكسرها؛ وهو ما يُكسِب الكربون تلك البنية الماسية التي تمكنه من البقاء طويلا تحت الضغوط المحيطة، وكذلك مقاومة تحوله عند ضغط تعدى ألف غيغاباسكال في تجاربنا".

    ولأن ذرات الكربون في الألماس لا تعيد ترتيب نفسها لتأخد شكل الجرافيت فور خروجها من باطن الأرض حيث الضغط المرتفع، فقد يكون ذلك هو السبب نفسه الذي يمنعها من إعادة ترتيب نفسها إلى شكل "متآصل" آخر إذا واجهت مقدارا أعلى من الضغط الواقع عليها. إلا أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة السبب وراء ثبات الألماس عند الضغوط المختلفة.

    وبالطبع، يظل هناك تساؤل قائم، كما تقول جيني، وهو: "هل أوجدت الطبيعة آلية ما للتغلب على حاجز الطاقة المرتفع لتستطيع تشكيل المراحل المستقرة المتوقعة من قبل في باطن الكواكب الخارجية؟"

    وحتى يمكننا الإجابة عن هذا التساؤل، فإن هذا الاكتشاف سيغير بلا شك كيفية نمذجة العلماء وتحليلهم للكواكب الخارجية الغنية بالكربون.





    [01-02-2021 09:56 PM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع