الرئيسية مقالات واراء
يقول الفنان الضاحك شارلي شابلن»لولا الفقر والجوع والحرمان والمبيت على الرصيف لما أصبحت أعظم كوميدي في العالم».
أضع هذه العبارة في رأسي منذ تعرفتُ على»شارلي» وعلى الفقر في ذات الوقت عندما كنتُ طالبا جامعيا في مصر وكنتُ أُعاني من البؤس الحقيقي لعدم توفر النقود الكافية لإعاشتي. وكنتُ أقضي أكثر أيامي على ( الخبز والحلاوة ـ الطحينية». وكنتُ أضحك من ذلك وأطلقت على تلك الأيام زمن او «عصر الحلاوة «.
لا أقول أن الفقر والحرمان»غاية»وبالطبع لا أتمناها لأحد. فالموضع صعب وهناك من لا يتحمله ولا يتصوره أيضا. لكن كما يقول أجدادنا لا بد من تذوق الفقر والحاجة كي تدرك معنى الحياة ومعنى النعمة.
لأ أظن أن أحدا يتمنى أن يطلع عليه النهار وليس في جيبه نقودا تكفي لوضع»بنزين»في السيارة ، وهو ما حدث معي أمس. حين أكتشفتُ أن رصيدي في البنك»صفر». عندها ضحكتُ وتذكرتُ»عصر الحلاوة»، وقلت: يعني مش جديدة عليك ، اترك سيارتك واستخدم رجليك لحد ما تُفرج.
الغريب أنني واحد من الناس الذين لا يتضايقون بسبب الفقر بل أنني أعتبر ذلك»فرصة للتأمل»أو بمثابة»بريك» لكي أُدرك أن النعمة لا تدوم وأن على المرء أن يعوّد نفسه كل فترة على الحرمان لكي يطهّر نفسه من جموحها وتطلعاتها.
وهو ما أُحاول زرعه في عقول أبنائي الذين لا يصدقون أن الإنسان يكون أكثر جمالا حين يعرف الفقر والجوع. .. بشرط الاّ يطول الأمر ويصبح هو الأساس.
قليلون من لا يعرفون الفقر في حياتهم ، وهذه طبيعة الحياة. وهناك الشكّاؤون والبكّاؤون الذين يتذمرون حتى لو كانوا مقتدرين ومنهم ملايين. وهم أسوأ الناس. فالجلسة معهم مملة والكلام معهم متعب ويجعلك تتثاءب وانت تستمع إلى شكواهم.
أحمدك يا رب على نعمة الفقر ، فقد جعلتني أضع « كوابح و» بريكات « في مشوار حياتي،...!