الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - أحمد بني هاني - مناورات عديدة يقوم بها الأردن على عدة جبهات في محاولة لإحياء مفاوضات السلام والإبقاء على آمال حل الدولتين التي تجددت مرة أخرى بعد قدوم الرئيس جو بايدن والإدارة الأميركية الجديدة، وهو ما بدى واضحا في اتصال الملك عبدالله الثاني لتهنئة بايدن بعد فوزه في الانتخابات.
العلاقات بين عمّان وواشنطن اتسمت بالفتور في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب وهو ما قضى على أي محاولات لفرض حل الدولتين على الطاولة، في الوقت الذي كانت تميل فيه إدارة ترامب لمصلحة "إسرائيل" فقد بسطت لها سيادتها على الجولان المحتل ونقلت السفارة الأميركية إلى القدس وهي قرارات تاريخية.
الأردن يدرك أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة، فيما لا ترى الإدارة الأردنية أي حل عادل غيره للفلسطينيين في ظل استمرار سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بمشاريع الاستيطان واستفزازها لقرارات الشرعية الدولية بهذا الشأن وهو ما يفرض على المجتمع الدولي دعوة "إسرائيل" للتوقف عنها كخطوة أول للسلام.
رسائل عديدة يحاول أن يوصلها الأردن إلى العالم اليوم مفادها أن حل الدولتين يجب أن لا يموت حتى وإن وضعت "إسرائيل" يدها بيد العرب ووقعت معهم اتفاقيات سلام، بما فيها اتفاقية وادي عربة بين عمّان وتل أبيب، ما يؤشر على ضرورة خنوع الاحتلال وجلوسه مجددا على طاولة المفاوضات لتحقيق السلام الشامل على أساس قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وهو ما بات واضحا ومؤكدا إذ جاء على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال لقائه نظيره "الإسرائيلي" في جسر الملك حسين، الثلاثاء، بأن كل اتفاقات السلام التي وقعتها "إسرائيل" مع الدول العربية وبما فيها معاهدة السلام مع الأردن لا يمكن أن تكون بديلا عن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفق معادلة الأرض مقابل السلام والقانون الدولي سبيلاً لتحقيق السلام الذي تقبله الشعوب، ذاك أنها أساس الصراع ومفتاح الحل.
كما وجه ولي العهد الأسبق الأمير الحسن بن طلال رسالة عبر صحيفة عبرية إلى مواطني "إسرائيل" مفادها الدفع قدما في عملية السلام بين البلدين على كافة الصعد بعد فتور العلاقات بين الأردن و"إسرائيل" بسبب تعنت رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الذي يحاول بسط سيطرته على الأراضي المحتلة والتوسع في النشاط الاستيطاني ضاربا كل محاولات السلام عرض الحائط وهو ما لا ترغب المملكة الاستمرار به قبل المضي في حل الدولتين.
كما يعي الأردن ضرورة الاستمرار بتشكيل موقف عربي موحد والدفع باتجاه حل الدولتين لضمان حقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ على المقدسات، وهو ما يسعى الملك إلى تبنيه في كل اللقاءات والمؤتمرات العربية والإقليمية والدولية على الرغم من تزايد نشاط التطبيع خلال الشهور القليلة الماضية.
ومن اللافت اللقاءات التي قام بها الملك عبدالله الثاني قبيل استلام بايدن ولايته الرئاسية للتأكيد على الموقف العربي الثابت تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية الأولى، إلى جانب لقاءات رئيس الوزراء ووزير الخارجية إلى دول المنطقة التي أكدت جلها الموقف العربي وتبنت حل الدولتين كحل وحيد للصراع العربي "الإسرائيلي".
تنظر المملكة أيضا إلى الاستفزازات "الإسرائيلية" التي تحدث شبه يومي في باحات المسجد الأقصى الذي يتمتع الأردن بالوصاية الهاشمية عليه وهو جزء أصيل لا يمكن نسيانه أو المرور عنه في مشروع حل الدولتين، ما يعني أن أي محاولات للاحتلال أو لأي طرف آخر في سحب هذا البساط من الأردن سيتم إجهاضها دون تمريرها لضمان عدم فرض واقع جديد على المسجد الأقصى من خلال التقسيم الزماني والمكاني له، فهذا يعتبر خط أحمر بالنسبة للإدارة الأردنية ولا يمكن القبول به تحت أي ظرف.
الأردن هو الآخر يحاول تجنب أي حل للقضية الفلسطينية على حسابه أو بما لا يرضي الطرف الفلسطيني، فلا يمكن القبول بهذا كحل جديد، وهو الذي ناضل بكل قوته وعمل مع الدول الصديقة في الاتحاد الأوروبي والدول العربية لرفض مشروع صفقة القرن الذي طرحه ترامب خلال فترته الرئاسية الماضية والذي كان يستهدف مشروعه ضم أراضي في الضفة الغربية وشمال البحر الميت ما يعني تعريض معاهدة السلام مع "إسرائيل" للخطر فيما يتعلق بمسألة الحدود.
بوادر إيجابية تلقاها الأردن من الإدارة الأميركية الجديدة بشأن حل الدولتين وعلى قرارات الشرعية الدولية وهو ما تسعى المملكة إلى تمكينه وتحويله إلى حقيقية ظاهرة على أرض الواقع، ورغم كل هذه التحركات فإن الأردن لا يهدأ في سبيل انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني من خلال تمكين ودعم منظمة أونروا والمؤسسات التي تشرف عليها رغم الضائقة المالية ويحشد لدعم الدولي لها للإبقاء على القضية الفلسطينية حاضرة في أذهان العالم.
وفي ظل انشغال العالم اليوم بمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد التي تحتل مساحة كبيرة من اهتمام دول العالم مقارنة مع باقي القضايا إلا أن الأردن يحاول بكل ثقله ودوره في المنطقة إبراز القضية الفلسطينية والدفع نحو السلام الشامل والعادل.