الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم - أحمد بني هاني - دقت حادثة مستشفى السلط الجديد ناقوس الخطر بعد مرور أكثر من عام على جائحة فيروس كورونا المستجد على واقع القطاع الصحي في الأردن وقدرته على استيعاب الأزمة في ظل استمرار ارتفاع أعداد الإصابات بالفيروس.
حادثة السلط التي أودت بحياة 7 أشخاص في العناية الحثيثة بسبب انقطاع الأكسجين استنفرت كافة أركان الدولة، وعجلت من اتخاذ قرارات تصحيحية من أجل ضمان عدم تكرارها في أي مستشفى آخر، فالصدمة كبيرة والفاجعة لا توصف والتساؤلات كثيرة فكيف يموت الإنسان من توقف الأكسجين وهو أبسط حقوق البشر وعادتهم التي لم تتوقف منذ خلقوا وحتى قيام الساعة.
صرخات الكوادر الطبية ومطالباتهم بتعزيز الكوادر ورفد المستشفيات التي وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى أكثر من مرة خلال العام الماضي لم تتوقف منذ بدء الأزمة العالمية، وكان لانهيار الأنظمة الصحية في أوروبا تجربة قاسية في الجائحة، وهو ما جعلنا نعمل ضمن الإمكانيات المتاحة لاحتواء الأزمة وقد نجحنا في ذلك حتى الآن فلم يسجل أن رُفض من قبل أي مصاب يحتاج للدخول إلى العناية الحثيثة.
الجائحة ألقت بظلالها على القطاع الصحي في الأردن، وأرهقت الكوادر الطبية في المستشفيات وأودت بحياة الكثير من الأطباء والممرضين، وهو ما استدعى إنشاء مستشفيات ميدانية بشكل عاجل لاستيعاب تفاقم الإصابات، ولكن الأزمة كانت كبيرة وهو ما استنزف القدرات الصحية رغم المكانة الطبية التي يتمتع بها الأردن عالميا.
لجان التحقيق ما زالت تبحث في تفاصيل القضية، ولعل تشكيل لجنة عسكرية صبغة خاصة للوقوف على أسباب المشكلة وحلها بشكل سريع، فثقة الأردنيين اليوم بالمؤسسات العامة مهتزة وهو ما بدى واضحا خلال السنوات الماضية بسبب ارتفاع نسب البطالة والقرارات الحكومية.
الجيش هو ملاذ الأردنيين اليوم وثقتهم به عالية ولا نظير لها، فالعمل الذي تقوم به القوات المسلحة والجهود التي بذلتها خلال الجائحة وفي كل الظروف التي مرت على المملكة واضحة ولا مثيل لها، إلى جانب عملها في حماية أمن واستقرار الأردن في ظل محيط يعج بالأزمات والحروب.
زيارة الملك بزيه العسكري ونظراته الحازمة، إلى مستشفى السلط مباشرة فور وقوع الحادثة تركت أثرا كبيرا في احتواء القضية، وشكلت رسالة مفادها أن حياة الأردنيين لا جدال فيها ولا نقاش، وأن المتسببين بالحادثة يجب أن يحاسبوا فلا يمكن السماح بتكرار هذه الحوادث مرة أخرى تحت أي ظرف.
ولكن الزيارة جاءت ليعي المسؤولين في كافة مواقعهم أن الحادثة ليست مجرد وقوع وفيات بالفيروس، وإنما كانت طعنة أصابت الوطن من شماله إلى جنوبه، ولا يمكن المرور عنها دون أن "تتدحرج الرؤوس" كما قالها وزير الإعلام قبلها بأيام بعد تسريب أمر دفاع جديد وموجزا لأعداد الإصابات قبل صدورها رسميا.
الحادثة لم تكن لتحدث لولا التقصير في أداء بعض المسؤولين، ولو قاموا بواجباتهم على أكمل وجه لما وصلنا إلى الكارثة، ولولا تدخل الدفاع المدني لنجدة المرضى داخل المستشفى بأسطوانات الأكسجين لكانت الكارثة أكبر لا سمح الله.
المطلوب اليوم إعادة ترتيب الأوراق مجددا للاستعداد لتطورات الوضع الوبائي، فقد وصلت نسبة الفحوصات الإيجابية لفيروس كورونا يوم الأحد إلى أكثر من 18%، مع محاسبة المقصرين واستبدال المسؤولين غير المؤهلين للعمل في ظل هذه الظروف بأشخاص آخرين يعملون بكل جد لمواجهة الجائحة، وضبط عملية التصريحات التي تخرج من الجميع وهو ما يدفعنا لاتخاذ قرارا جادا بتوحيد مرجعية التصريح حول الجائحة.
لن تمر الحادثة بشكل عابر، هذا ما أصبح اليوم أكيدا وبعد تشكيل لجنة عسكرية ولجنة حكومية للتحقيق بالحادثة أصبح الجميع تحت الأمر الواقع فالمخطئ سيحاسب، وهو ما لا يجب التهاون به وثقتنا بالقضاء الأردني العادل كبيرة ولا حدود لها.