الرئيسية تفسير احلام
أحداث اليوم -
داليا عبيدات - 30 سنة مضت على إطلاق شبكة الإنترنت كمنظومة كاملة حول العالم لإستخدامات الجميع، حيث أتيح الإتصال لأول مرة بالإنترنت لعموم الناس عام1991 وهو نفس العام الذي نشرت فيه أول صفحة ويب.
ونتيجة لذلك تعددت استخدامات شبكات الحاسوب ، وهو الشيء الذي ساهم بشكل كبير في بلورة وتعزيز العديد من الظواهر الاجتماعية على الواقع الإفتراضي بحيث أصبحت موازية للواقع الحقيقي وفي مواضع أخرى طغت عليها.
الإنترنت إحدث تغيير كبير وجلي على أنماط الاتصال السائدة بين المستخدمين ،لذلك يعتبر من منظور "سوسيو" إتصالي ذو قوة تأثيرية لها وزنها، وذلك يعود ببساطة لتفرد الإنترنت كوسيلة اتصال الكترونية بميزات وخصائص اتصالية تفتقر إليه وسائل اتصالية أخرى، وخصوصا أن الإنترنت يحمل صفة التكاملية؛ أي أننا نجد الأدوات والخصائص تتداخل بطريقة رائعة بحيث تشبع احتياجات الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
ومن هنا تنبثق ظاهرة إجتماعية "لا يمكن اعتبارها حديثة المنشأ كونها ظهرت للسطح بين أوائل الستينات والتسعينات إلا أن حداثتها تقاس بتطور وتمدد تكنولوجيا الإتصال وتطبيقات الذكاء الاصطناعي" ألا وهي الثقافة السيبرانية أو كما تسمى ثقافة الإنترنت.
كثيرا ما تتردد كلمة "سايبر" لمسامعنا، فنراها جزء مضاف ذو قيمة للكثير من الكلمات، مثل (الحروب السيبرانية ، الأمن السيبراني ، التنمر السيبراني ، الهجوم السيبراني) وغيرهم الكثير.
ما هو السايبر؟
السايبر كلمة من أصل يوناني تعني القيادة والتحكم وكانت تستخدم لغايات حكومية، واستخدمت فيما بعد كحقل علمي يسمى "سايبر نيتكس" والذي عني بدراسة الاتصال وأنظمة التحكم بين البشروالآلة، وفي عام 1982 قام كاتب الخيال الأمريكي ويليام غيبسون بصياغة كلمة سايبر لأول مرة في روايته القصيرة "الكروم المحترق" وتطرق في رواية نشرها بعد سنتين عام 1984 لمصطلح الفضاء الإلكتروني(Cyber-space).
من هنا كانت نقطة انطلاق الكلمة لتشمل العديد من مجالات الحياة التي تعتمد الإنترنت كبيئة لإجراء معاملاتها.
الثقافة السيبرانية
الثقافة في علم الإجتماع هي مجموعة المعتقدات والإجراءات والمعارف والسلوكات التي يتم تكوينها ومشاركتها ضمن فئة معينة، والثقافة شيء جوهري يميز كل مجتمع عن غيره، وهي تشمل على سبيل المثال لا الحصر " الاتصال واللغة و الدين والقيم والعادات والتقاليد والموسيقى والفن والأكل" .
أما الثقافة السيبرانية التي تترجم بسماتها وتطبيقاتها عبر شبكة الإنترنت، بدأت تأخذ أبعاد أخرى على الفضاء الإلكتروني لتشمل ممارسات حديثة مستجدة، كتلك المتواجدة على غرف الألعاب أو غرف الشات أو الفلوغات أوالمجموعات والصفحات وحتى التطبيقات بتنوعها واختلافها، فنرى الثقافة كتأشيرة تسمح لشخص ما يحمل اهتمامات وثقافة جماعة معينة بالإنضمام إليهم، وهالشيء يقودنا إلى بناء الهوية الثقافية الرقمية التي تساهم في بناء شخصية الفرد إلكترونيا وخصوصا إذا كان يشعر في اضطراب بالهوية الثقافية على أرض الواقع، الشيء الذي يقودنا لأحد الأسباب الواقعة خلف التزييف والنفاق الإلكتروني – أوهذا ما يتم إعتقاده-
ولكن للأمر تأثير نفسي تطرقت له عالمة النفس السيبراني ماري آيكن ألاوهو تأثير الإفصاح وعدم التحفظ ، الذي يجعل المستخدم أقل سيطرة أو ضبط لنفسه عبر الإنترنت مقارنة بالتواصل الشخصي . لذلك نجد الفضاء الإلكتروني يساعد في إظهار المستخدمين لثقافتهم وهويتهم الحقيقية مع جماعة يشاركونهم نفس الإهتمامات و المعتقدات والأفكار، وخصوصا أن خاصية المجهولية التي يوفرها الإنترنت ، تعزز جرأة الفرد في إظهار مكنوناته ، وذلك لأنها توفر له الحماية من اللوم والتنمر و الجلد المجتمعي في حال خرج عن المسار التقليدي المفروض مجتمعيا.
قد تختلف الهوية الثقافية السيبرانية عن تلك التقليدية تماما أو بشكل طفيف أو قد تكون موازية لتلك التقليدية . ولايمكن إصدارحكم قطعي بأن هذا الإختلاف يهدد ويشوه الثقافة التقليدية؛ لأن الهوية الثقافية كما يرى الباحث العراقي حسين علي الحمداني هو كائن حي يتحول ويتغير ، أولا من الداخل بفعل تغير المرجعيات القيمية، وثانيا من الخارج بتأثير تطور علاقات الفرد والمجموعة مع التحولات الكونية . لذلك التشكل يكون حسب تجربة الحاضر وتطلعات المستقبل.
ومع وجود موقفين متجاذبين للهوية في عصر المعلومات والعولمة، فإن "الهوية القادرة على الصمود والإضافة في مجتمع المعلومات هي الهوية النقدية المتشبعة بثوابتها الثقافية والوطنية".