الرئيسية تقارير
أحداث اليوم - مختصون من تغييرات في اتجاهات ومواقف المجتمع والأسرة، تجاه عمل الأطفال، ففيما كان هناك رفض بين غالبية أفراد المجتمع تجاه هذا الأمر، لكن يلاحظ أنه بعد مرور عام ونصف العام على جائحة “كوفيد19″، أصبح هناك قبول أكبر لهذه “الظاهرة”.
وجاء هذا التحذير خلال حلقة نقاشية نفذتها جمعية تمكين للمساعدة القانوني وحقوق الإنسان في إطار برنامَج التخفيف والحد من أشكال عمل الأطفال في القطاعات الخطرة في الأرْدُنّ، واصفين إياه بأنه “خطير وله تبعات قاسية”، ومرجحين ارتفاع معدلات عمل الأطفال بنسب غير مسبوقة.
فيما كشفت وزارة العمل عن 236 حالة عمل طفل منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر أيار منه، فيما وجهت 45 مخالفة، و133 إنذار، و503 حالات عمل طفل خلال العام 2020، حَسَبَ المفتشة في قسم تفتيش الحد من عمل الأطفال بالوزارة دانة شحادة.
وقالت شحادة إن جائحة فيروس كورونا المستجد أثَّرت على طبيعة عمل مفتشي العمل و زادت الأعباء الملقاة على عاتقهم نظرا لارتفاع عدد الشكاوى، بالإضافة للرقابة على الالتزام بأوامر الدفاع، في حين أنَّ أغلب الأطفال الذين يعملون بظروف غير ملائمة أو لائقة أو ضمن أعمال خطرة أعمارهم ما بين 16 -18عاما ، مؤكدةً استحدث الوزارة جزءًا لم يكن موجودًا في السابق وهو تبويب خاص لاستقبال شكاوى الأطفال العاملين حيث أصبح بإمكانهم التقدم بشكاوى حول الانتهاكات التي يتعرضون لها من خلال المنصة الإلكترونيّة “hemayeh.Jo".
رئيسة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان أشارت في مداخلتها أن هنالك فئتان من الأطفال العاملين وهما مـن يعملـون بعـد المدرسـة وخلال عطـل نهايـة الأسـبوع قبل انتشـار الوبـاء، ومن يعملـون طـوال اليـوم، بحيـث تنعـدم لديهـم إمكانية الحصـول على وقـت لمتابعـة الدروس عبـر الإنترنت: كانـت هـذه المجموعة تـوازن بين العمل والدراسـة حتـى قبل انتشـار الجائحة، لكنهـم تحولـوا إلـى العمل بـدوام كامل فـي الصباح، والدراسـة بالحد الأدنى أثنـاء الليل، غير أن بعضهـم لا يـدرس إطلاقـا، إذ يعتبـرون التعلـم عـن بعد، مجرد إجـازة، أو عطلة مدرسـية، أما الفئة الثانية فهم مـن لـم يعملـوا قـط قبـل انتشـار الجائحـة، وتحولـوا حاليـا للعمـل، باعتبـاره وسـيلة لمـلء وقـت فراغهـم، أو ذريعـة لمغادرتهـم المنـزل: وهـم ممـن تعانـي عائلاتهم فقـرا ً شـديدا جـراء الأزمـة الاقتصاديـة، فتخلت عـن حقهم بالتعلـم، لتلبيـة احتياجاتهـا الملحة جدا.
وأضافت أن هنالك تغييـر فـي وجهـات نظـر الأطفـال بشـأن عمل الطفل بعد الجائحـة، فقبل الجائحة شـعر بعضهـم بالخجل مـن حاجتهم للعمـل، أو -على الأقل- كانـوا يتابعون أداءهم المدرسـي جنبـا إلـى جنـب مـع العمـل؛ أمـا الآن، فالتغييـر الحاصـل، هـو شـعورهم بالفخـر والإنجـاز، كونهـم يسـاعدون أسـرهم المحتاجـة والفقيـرة، ولعـب دور المعيـل الأساسـي، لا سـيما بالنظـر إلـى أن والديهـم غيـر مؤهليـن قانونيـا للعمـل إن كانـوا مهاجريـن أو لاجئيـن، فيما هنالك أطفال آخرين كانوا علـى علم بالسـن القانوني للعمـل، وبأنهـم غيـر مؤهليـن قانونيـا للاندمـاج في سـوق العمل، غيـر أنهم صرحـوا بأنهم مضطـرون للعمـل لمسـاعدة عائلاتهم بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وعدم القدرة على توفير احتياجاتهم الأساسية.
من جانبه أشار رئيس قسم دور تربية وتأهيل الأحداث ومساعد مدير مديرية الأحداث في وزارة التنمية الاجتماعية أحمد شحيدات إلى ضرورة إجراء مسحٍ وطنيٍّ شامل بعد ازدياد أعداد الأطفال العاملين خلال كورونا، مشيرا إلى قيام الوزارة بالعمل على إنشاء 3 مراكز فيما يتعلق بعمل الطفل، وحاليا هي قيد التأسيس في كل من؛ طبربور، والمنارة، واربد، لتقدم مجموعة من الخدمات؛ النفسية، والاجتماعية، والتعليمية، والترفيهية.
وأوضح عزمهم انتاج دليل إجرائي تفصيلي لمنهجية إدارة الحالة، التي تعتمد على التشاركية بين الجهات العاملة على عمل الطفل، قائلًا إن "أكبر نسبة عمل أطفال بالنسبة لعدد السكان وجدت في الكرك".
وفي السياق ذاته قال رئيس جمعية حماية الأسرة والطفولة في إربد كاظم الكفيري إنَّ كورونا زادت الأعباء على الأسر، وأصبح الدعم النفسي غير كافٍ، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، موضحًا أن الأطفال يتجهون للقطاعات الخطرة بشكل أكبر، خصوصًا بعد إعادة فتح المدينة الصناعية في إربد.
المدير العام والمؤسس لمؤسسة "أنا أتعلم" صدام سيالة أوضح توجه أصحاب العمل لتشغيل الأطفال نتيجة تدني أجورهم، مستغربًا عدم الاستمرار بالتعليم الوجاهي والاتجاه للتعليم عن بعد الذي زاد من عمالة الأطفال بقوله، "في بعض المناطق كان بالإمكان الاستمرار بالتعلم الوجاهي، خصوصًا في المناطق النائية".
ومن جانبه تحدث أخصائي حماية الطفل، في مؤسسة إنقاذ الطفل.محمود حمدان عن الآثار النفسية الاجتماعية الناتجة عن عمل الطفل، مؤكدًا وجود ارتباط بين تزويج الأطفال وعملهم، فكلما زاد حالات عمل الطفل، ارتفع عدد تزويجهم.
وتطرق للأثر الصحيّ الناجم عن تشغيلهم، إضافةً لكونهم يكبرون وهم ناقمون على المجتمع نتيجة إحساسهم بالظلم، مشددًا على ضرورة وجود مراكز الدعم النفسي الاجتماعي، التي يتم فيها تزويد الطفل العامل بالدعم النفسي الذي يفتقر إليه.
في حين قالت الصحفيّة الحقوقيّة نادين النمري إن هناك تغطية إعلاميّة كبيرة لقضايا الطفل، لكن أغلب هذه التغطيات غير جيدة ومسيئة للأطفال العاملين والمتسولين حيث يتم تصوير الأطفال العاملين بنبش النفايات والمتسولين في الإعلام بوصمة مخربين، لا كضحايا، منوهةً "يجب استبدال مصطلح الأطفال المتسولون بالأطفال المستغلون بالتسول".
ولفتت إلى أنه بعد الرجوع للتعليم الوجاهي، لن يعود العديد من الأطفال للتعليم لأنهم كيفوا حياتهم على وجود فرص العمل حيث أوضحت "جاء عمل الطفل كطريقة تكيف سلبية لمشكلة كورونا".
وخلال الحلقة النقاشية أطلقت تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان حملة إعلامية بشعار (العابي وكتبي هم شغلي)، وستشمل الحملة نشاطات متعددة يتخللها أيام مفتوحة تستهدف الأطفال بشكل مباشر من خلال المشاركة في أنشطة ميدانية متعلقة بالرسم، كذلك وضع جدارية في أماكن عامة مختلفة لجذب الانتباه نحو ظاهرتي عمل الطفل والتسول وفيها أن يعبر الأطفال والكبار عن رأيهم بهاتين الظاهرتين. وللوقاية المباشرة من عمل الطفل.
ومن الأنشطة أيضا استهداف الأطفال في الأماكن العامة -بمراعاة التباعد الجسدي وأدوات السلامة العامة- من خلال تنفيذ مسرح الدمى، وأنشطة سرد القصص حول أطفال انخرطوا في مهن خطرة وأثرها على صحة الأطفال والإضرار بالمصلحة الفضلى لهم لدرجة قد تصل إلى ترك التعليم في غالبية الحالات.
ومن نشاطات الحملة تصميم مطويات لرفع الوعي حول أسباب وآثار عمل الطفل إلى جانب القوانين الناظمة للعمل في الأرْدُنّ التي تمنع العمل لمن هم دون سن السادسة عشرة وتعاقب مشغلي الأطفال من هذه الفئة وتسمح للأردنيين بالعمل من فوق سن السادسة عشر بمحددات وشروط من أجلها تنظيم العمل وردع تشغيل الأطفال. كما وستُصدَر بيانات صحفية دورية حول الأنشطة المنفذة.
وسيتم أيضًا نشر وبث ومضات توعية حول عمل الطفل في بعض الإذاعات الأردنية، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك سيتم تغطية الأنشطة الميدانية والمرئية والمكتوبة في وسائل الإعلام المختلفة.
يشار إلى أن أعداد الأطفال العاملين قد تضاعفت من (33) ألف طفل عامل في عام 2007، إلى ما يقارب (76) ألف طفل عامل عام 2016 منهم ما يقارب الـ 45 ألف طفل منهم يعملون في أعمال خطرة وفقا للمسح الوطني الذي أجري في العام 2016، هذا وصادق الأرْدُنّ على اتفاقية منظمة العمل الدولية 182 في عام 2000 تمهيدا للقضاء التام والكلي على أشكال عمل الأطفال وهي الأعمال التي يرجح أن تؤدي بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.
تجدر الإشارة أن جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان تٌنفذ برنامجًا حول مكافحة عمل الأطفال والتسول بعنوان "التخفيف والحد من أشكال عمل الطفل في القطاعات الخطرة في الأرْدُنّ" في مناطق وَسْط وشمال وجنوب المملكة. ويهدف البرنامج إلى تعزيز القدرات المحلية نحو تحقيق بيئة تتسم بالوقاية والحماية من عمل الأطفال؛ حيث جرى تطوير فكرة البرنامج حول بناء قدرات العاملين على الحماية من عمل والطفل والتسول وعلى مبدئي الحماية وتعزيز سبل العيش بالشراكة مع جمعيتي حماية الأسرة والطفولة في إربد وجمعية الملكة زين الشرف التنموية في المفرق.
هذا البرنامَج ممول من البرنامَج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لدعم لبنان، الأرْدُنّ والعراق (RDPP II) هو مبادرة أوروبية مشتركة، والبرنامَج هو بدعم من جمهورية التشيك، الدنمارك، الاتحاد الأوروبي، أيرلندا وسويسرا.
وعليه يُنَفَّذ البرنامَج ضمن أنشطة متعلقة بالحماية مثل خدمات الدعم القانوني وتطوير القدرات المعرفية والمؤسسية للجهات الحكومية العاملة على مكافحة عمل الأطفال والتسول وهي وزارة العمل، ووزارة التنمية الاجتماعية، إَضافةً إلى استهداف المعنيين في كلا من وزارة العمل والأمن العام في ورشات عمل من شأنها رفع القدرات المعرفية بعمل الطفل والتسول وكيفية حماية الأطفال المعرضين للعمل والتسول وإنفاذ القانون على المشغلين ومستغلي الأطفال في الأعمال الخطرة ومنها التسول، وعلى الصعيد الآخر يُعنَى البرنامج بتقديم خدمات رفع الوعي والحماية للأطفال العاملين وذويهم، ويلقي الضوء على قضيتي العمل والتسول في الإعلام وحملات كسب التأييد التي يأتي في سياقها تحديث الاستراتيجية الوطنية للحد من عمل الطفل وخطة العمل الوطنية المرتبطة بتحديث الاستراتيجية