الرئيسية تقارير

شارك من خلال الواتس اب
    هل يحل التقاعد المبكر مشكلة الضمان؟
    الضمان - تصوير: أحمد حمدان

    أحداث اليوم - بعد أقل من عامين على تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي التي استحدثت مادة تسمح للمشتركي الجدد التقاعد مبكرا على عمر 55 عاما بشرط أن تكون له 252 اشتراكا فعليا على الأقل للذكور، وبلوغ سن الثانية والخمسين للإناث مع 228 اشتراكا فعليا على الأقل، تعود المؤسسة لفتح ملف التقاعد مبكرا من جديد لتؤكد انها بصدد دراسة بصدد رفع شرط السن.

    مدير مؤسسة الضمان الاجتماعي حازم رحاحلة كان قد أفرد مساحة كبيرة، اثناء جلسة حوارية عقدها منتدى عبد الحميد شومان الاسبوع الماضي، للحديث عن العبء المالي الذي يسببه التقاعد المبكر، مبينا أن نسبة كبيرة من المتقاعدين يحصلون على رواتب تقاعدية، تتجاوز ما دفعوه من اشتراكات للضمان، حتى مع إضافة العائد الاستثماري، "وفي المحصلة، يتحمل الجيل القادم، قيمة الدعم المقدم لمتقاعدي الجيل الحالي"، وفقا ليومية الغد.

    كما ركز على اهمية التفكير بتعديل المواد القانونية المحفزة للتقاعد المبكر، لأن العائد المالي الذي يحصل عليه المتقاعد مبكرا، أعلى بكثير من عائد تقاعد الشيخوخة.

    مدير مركز بيت العمال حمادة ابو نجمة رجع بذكراته الى تعديلات قانون الضمان الاجتماعي التي حدثت العام 2019 ليبين أن النسخة الأولى من التعديلات كانت تشتمل على الغاء التقاعد المبكر لكن نتيجة الحراك المجتمعي الذي كان ضد هذا التوجه اقتنع البرلمان باستبدال ذلك برفع سن هذا التقاعد، مشيرا الى ان "من شأن هذا أن يقلل من الأضرار التي كان سيشكلها الإلغاء الكامل للتقاعد المبكر رغم أن رفع سن التقاعد المبكر سيشكل أضرارا بالفئات التي تقل اعمارها عن ذلك في حال فقدان عملهم".

    واستحدثت مادة جديدة في القانون الجديد حرمت فئة الشباب من عمر 28 سنة فأقل من الشمول بالضمان بحجة تحفيز الشركات الناشئة، وهو ما يناقض أهداف ومرامي منظومة الضمان الاجتماعي والمفترض ان تعمل عليه الدولة لتحفيز الشباب على دخول سوق العمل وتوفير الحمايات القانونية لهم.

    إلا أن مجلس النواب "عاد وحصر حالات استثناء الشباب بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة فقط بعد أن كان هذا الحرمان يشمل مختلف التأمينات وفق ما ترتئيه مؤسسة الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يعتبر نجاحا جزئيا لمنظمات المجتمع المدني" بحسب أبو نجمة.

    وبين أبو نجمة ان "هذا الاستثناء يحرم فئة كبيرة من الشباب العاملين من جزء مهم وأساسي من معايير الحماية الاجتماعية، وسيؤثر سلبا على رواتبهم التقاعدية، فضلا عن مخالفتها لاتفاقية المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي رقم 102 المصادق عليها من قبل الأردن في العام 2014 والتي تحدد المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي".

    وأشار الى أن هذه الاتفاقية "تعتبر بمثابة المرجع للحقوق والواجبات المرتبطة بمجالات الحماية الاجتماعية التسعة وهي: الخدمات العلاجية، والبطالة، ومنافع المتبقين على قيد الحياة، ومنح العجز، ومنافع الأمومة، والمنافع العائلية، والتغطية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية، ومنافع الشيخوخة، ومنح المرض".

    ابو نجمة يقول " من المؤكد أن المشكلة في الأردن تكمن في أن النظام المعتمد في الأردن لا تتوفر فيه شروط الضمان الاجتماعي الشامل لمختلف فئات المجتمع، بل هو عبارة نظام للتأمينات الاجتماعية تقتصر على تغطية الفئات الفعالة اقتصاديا دون غيرها من الفئات، وهو نظام تأميني يعتمد في تمويل صناديقه على اشتراكات الفئات المشمولة به فيما يسمى بالاحتياطي التراكمي، الذي يتطلب من جانب توفير استقلال تام في إدارته، ومن جانب آخر بيئة مستقرة لاستثمار الاحتياطات المتراكمة، وضمان حقوق العمال المستقبلية".

    ويبين ابو نجمة ان التوجه العالمي السائد حاليا هو نحو التمويل قصير المدى الذي لا يعتمد على الاشتراكات ولا يقتصر على تغطية فئات محدودة، ويشمل جميع المواطنين من لحظة الولادة وحتى الوفاة، ويمول من الضرائب المباشرة وغير المباشرة ومنها ضريبة القيمة المضافة التي وجدت أصلا لتمويل نظم الحماية الإجتماعية وليس لتمويل ميزانية الدولة، وبذلك تتوفر الموارد الكافية لها من خلال تقدير الإيرادات الضريبية اللازم تحصيلها بما يغطي النفقات سنويا دون الحاجة لاحتياطات أو استثمارات.

    ويضيف، "الضمان الاجتماعي الأردني بحاجة إلى نظرة كلية شاملة تستهدف الوصول إلى نظام تمويل قصير المدى بدلا من نظام الاحتياطي التراكمي المعتمد حاليا، فهناك فرق كبير بين التأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي، فالتأمينات الاجتماعية هي التي تشمل العاملين لدى الغير من خلال اشتراكات يؤديها طرفا العمل، أما الضمان الاجتماعي فهو خليط من أنظمة تأمين العاملين وأنظمة المساعدات الاجتماعية للفئات الأخرى المحتاجة (الخدمات الصحية، أمن الدخل…)".

    بدوره يرى مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية احمد عوض في مقال نشرته "الغد" ان التوسع الملموس في استخدام التقاعد المبكر يشكل تحديا كبيرا، إن لم يكن ثغرة في منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن، وعلينا جميعا أن نفكر في كيفية التخفيف من المخاطر التي تترتب عليها.

    لكن عوض يشدد على أن الذهاب باتجاه إجراء تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي تزيد من عمر المستحقين للتقاعد المبكر، يتطلب إجراء تعديلات على سياسات أخرى مرتبطة بشكل وثيق بذهاب العاملين والعاملات نحو هذا الخيار، ما يعزز استدامه منظومة الضمان الاجتماعي باعتبارها العمود الفقري لمنظومة الحماية الاجتماعية في الأردن.

    ويشير الى ان هناك محركين أساسيين يدفعان مشتركي الضمان الاجتماعي نحو التقاعد المبكر غالبا ما تتراوح بين 50 و55 عاما، ضمن معايير محددة مرتبطة بعدد أشهر محدد من الاشتراكات الفعلية، يتمثل الأول في عمليات إنهاء خدمات العاملين والعاملات في هذه السن، التي يصعب عندها إعادة الانخراط في سوق العمل المنظم مرة أخرى، فيضطرون لاستخدام حقهم في التقاعد المبكر باعتباره أقل خطرا على مستوياتهم المعيشية.

    الى جانب ذلك، يشكل انخفاض مستويات الأجور دافعا آخر للذهاب نحو خيار التقاعد المبكر، إذ لا تكفي الأجور التي يتقاضاها غالبية مشتركي ومشتركات الضمان الاجتماعي لتغطية احتياجات أسرهم المعيشية، حيث تنشأ الحاجة للحصول على راتب تقاعدي، والدخول مرة أخرى الى سوق العمل -غالبا بشكل غير منظم- بهدف الحصول على دخل إضافي الى جانب رواتبهم التقاعدية.

    ويكفي أن نعرف أن ثلثي مشتركي ومشتركات الضمان الاجتماعي يحصلون على أجور شهرية توازي أو تقل عن خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية لتفهم ذلك، بحسب عوض، الذي يشدد على ان "الذهاب باتجاه زيادة سن التقاعد المبكر يتطلب مراجعة قانون العمل ووضع قيود على عمليات الاستغناء عن العاملين والعاملات في سن متأخر من مسارهم المهني، لأن إمكانية دخولهم مرة أخرى الى سوق العمل المنظم تصبح صعبة. كما يتطلب كذلك مراجعة سياسات الأجور باتجاه زيادتها، كي يصبح الاستمرار في العمل بشكل منظم ذا جدوى، ويوفر حياة كريمة للمشتركين".

    الناشط النقابي، وناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن (رنان)، حاتم قطيش يرى ان توجه مؤسسة الضمان الاجتماعي لرفع سن التقاعد سببه "اعتبار القانون الحالي يشجع على التقاعد المبكر، لكن الفكرة ان اي تعديل سن او الغاء التقاعد المبكر يجب ان يواكبه رفع الاجور لأن السبب الرئيسي الذي يجعل الموظف بالتفكير بالتقاعد المبكر هو زيادة الدخل".

    وأشار الى أنه يمكن "وضع قيود على انهاء خدمات العمالة في سن 45 فما فوق مثلا لأنهم اذا تم انهاء خدماتهم ولم يحققوا شروط التقاعد المبكر فهذا يعني انهم سيصبحون دون دخل نهائياً وهذه اشكالية كبيرة بحد ذاتها".





    [24-06-2021 08:39 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع