الرئيسية مقالات واراء
حسب الوعد، فإننا في طريقنا لصيف آمن في ظل ارتفاع عدد الحاصلين على المطاعيم المضادة لوباء (كوفيد19)، وتراجع عدد المصابين والوفيات، ونأمل ان يتواصل العمل الجاد للوصول الى مناعة مجتمعية ضد الوباء.
في ظل ذاك، فإننا بحاجة لوقفة تروٍ لمعرفة أوجه الضرر التي خلفها الوباء عبر عام ونصف تقريبا، وقفة ننظر فيها لوضعنا الاقتصادي وحجم الضرر الذي خلفته الجائحة، ومدى ارتفاع الدين العام خلال تلك الفترة الصعبة، وقفة نضع فيها خططا واضحة للتعامل مع البطالة والتشغيل والخلل المجتمعي الذي خلفته الجائحة، وقفة نتأمل فيها مستويات الفقر الذي وصلنا اليها، وعدد الأسر التي دخلت خط الفقر جراء الجائحة، والضرر المجتمعي الذي خلفته وخاصة في ظل ارتفاع حالات العنف الاسري والتعاطي، وغيرها من آثار مجتمعية علينا رؤيتها بوضوح وعدم الاختباء خلف اصابعنا لكي لا نراها وننكرها.
نحن بحاجة للنظر بقوة وبعقل بارد بما خلفته الجائحة من ضرر على منظومتنا التعليمية بشكل عام، وعلينا ان نعترف ان نظامنا التعليمي الجامعي والتأسيسي بات بحاجة لورشات عمل وجلسات حوار مطولة حتى نستطيع إعادته لما كان عليه سابقا على اقل تقدير، فمن يقول ان وضعنا التعليمي (قمرة وربيع) وأهم، ولا يريد رؤية الضرر الذي خلفه عام ونصف من التعليم عن بعد على جيل كامل.
لسنا بصدد محاسبة التجربة، وانما علينا الاعتراف اننا اجترعنا حلولا غير موفقة، وفشلنا في منعطفات ونجحنا في اخرى، ومن الواجب ان نقف للتفكير واعادة التموضع، ولذا فإن الوقفة تلك يجب ان تطول ونفتح فيها كل ما يتعلق بالحلول التي احدثناها خلال الجائحة حول التعليم عن بعد، وأثر ذاك كله على مخرجات العملية التعليمية برمتها والتي أصابها الوباء في مقتل حتى بتنا نتخوف من جيل مستقبلي متراجع.
في المقلب الآخر علينا الاعتراف ان الجائحة خلفت بطالة باتت تزيد على 25 % وهو تحد قاس وخطير، وأنها – رغم عدم انقشاعها- خلفت مؤسسات وشركات ومصانع على وشك الإغلاق، وتجارا يعانون من عدم قدرتهم على الاستمرار، خاصة اننا في سوق اقتصادي صغير لا يستطيع الصمود طويلا امام تحديات اقتصادية كبيرة وضاغطة.
ما نعانيه لا يحتاج للوقوف كثيرا او مواصلة البحث في ذات المنطقة التي نبحث فيها دوما، وانما علينا البحث عن حلول خلاقة، وأفكار اقتصادية غير مسبوقة، والقفز عن فكرة اقتصاد السوق وعدم حصر انفسنا فيها، والذهاب للتفكير بمدارس اقتصادية اخرى مختلفة، وتعزيز قيم العمل، واعادة النظر في طريقة تعاطينا مع القطاع الزراعي، الذي علينا الاعتراف يقينا اننا اهملناه بما فيه الكفاية، وابتعدنا عنه لدرجة بتنا نمني النفس برؤية زراعة واعدة.
هذا يحتاج في البداية – حتى نقف على ارضية صلبة- لإعادة النظر في منظومتنا الادارية التي أصابها كسل وخمول وصدأ، وبات علينا اعادة تركيب مسنناتها بشكل مختلف، وبمسؤولية عالية بعيدا عن فكر الواسطة والمحسوبية والتعقيد ووضع العصي في الدواليب، ومقاومة الرشا إن وجدت، وتجريم اي موظف يعطل مصلحة مواطن او يقف في وجه اي مشروع استثماري، والابتعاد عن فكرة التوظيف لإرضاء هذا او ذاك وتعزيز مفهوم التنافسية لدى موظفي القطاع العام من خلال تعزيز مبدأ الثواب والعقاب.
بالمجمل، فإننا بحاجة كما حاجتنا لإصلاح منظومتنا السياسية، للجنة موازية لإصلاح منطومتنا الاقتصادية تتضمن جوانب الفقر والبطالة والاقتصاد والزراعة، ووضع حلول ناجعة لها، وأخرى لمعالجة منظومتنا الادارية ووضع تصورات لإعادة الاعتبار لجهازنا الإداري وتقويته.
لسنا بصدد اختراع العجلة من جديد ولكننا بحاجة للوقوف مع الذات في المقام الاول والتفكير بمصلحة البلاد والعباد دون التفكير بمصالح ضيقة بات البعض يقدمها على المصلحة العامة.