الرئيسية مقالات واراء
تتضمن المادة (40) من مشروع قانون البلديات واللامركزية الجديد لعام 2021 الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس المحافظة أو رئيس وعضو المجلس البلدي، والتي من أهمها «أن يكون غير محكوم عليه بالإفلاس أو الإعسار ولم يستعد اعتباره قانونيا». إن هذا النص القانوني الذي ساوى بين الإعسار والإفلاس لغايات حرمان الناخب من الترشح في الانتخابات البلدية ينطوي على مخالفة قانونية جسيمة، وعلى عدم فهم سليم لكل من الإفلاس والإعسار.
لقد ترتب على صدور قانون الإعسار الأردني رقم (21) لسنة 2018 إلغاء أحكام الإفلاس والصلح الواقي الواردة في قانون التجارة. ومع ذلك، لا يمكن القول بأن الإعسار قد حل محل الإفلاس كشرط لحرمان الناخب من العضوية في مجالس المحافظات والبلديات، وذلك بسبب الاختلاف الجوهري بينهما. فالعلة من حرمان المفلس من ممارسة حقوقه السياسية تكمن في عدم الثقة في ذلك الشخص الذي تقرر الحكم بإفلاسه. فالقرار القضائي بإفلاس تاجر ما يتضمن الطلب منه التوقف عن إدارة أمواله الخاصة به لصالح وكيل التفليسة. فكل من هو غير مؤتمن على إدارة ماله الخاص لا يمكن أن يكون محل ثقة باتخاذ القرار المناسب فيما يخص المشاركة في أي عملية انتخابية تصويتا واقتراعا.
في المقابل، فقد حددت المادة (2) من قانون الإعسار أنواعه، والذي يشمل الإعسار الفعلي القائم على أساس توقف المدين أو عجزه عن سداد الديون المستحقة عليه بانتظام، والإعسار الوشيك الذي يقصد به الحالة التي يُتوقع فيها أن يفقد المدين القدرة المستقبلية على سداد ديونه عند استحقاقها خلال ستة أشهر رغم قدرته الحالية على سدادها.
من هنا، يظهر الاختلاف بين الإعسار والإفلاس في أنه يمكن أن يصدر قرارا بإعسار المدين، وتبقى يده قائمة بشكل مشروع على إدارة أمواله الخاصة به، فيثبت له الحق في بيع الأموال التي يراها ضرورية لاستمرار نشاطه الاقتصادي، أو للحصول على السيولة اللازمة لاستمراره في حال تعذر الحصول على الائتمان. وهذا ما يؤكد أن المعسر يتوافر لديه مبدأ حسن النية، بعكس المفلس الذي يحرم من التصرف بأمواله بعد صدور قرار الإفلاس مما يبرر حرمانه من الترشح للانتخابات البلدية.
وما يعزز من الرأي القانوني بأن الإعسار يختلف عن الإفلاس، وبأنه لا يجوز المساواة بينهما كشرط لعدم جواز العضوية في المجالس المحلية أن قانون الإعسار لم يتضمن أي حكم يحرم المعسر من ممارسة حقوقه سياسية، بعكس النص الموجود في قانون التجارة الذي يجرد المفلس من هذه الحقوق بشكل صريح. كما لم يرد في قانون الإعسار أي نص يتعلق برد اعتبار المعسر، وهذا ما يمكن تفسيره بعدم رغبة المشرع الأردني في تقرير أي تبعات قانونية على صدور القرار القضائي بالإعسار كما هو الحال في الإفلاس. فلو كانت هناك تبعات قانونية لصدور قرار الإعسار، لكان القانون قد رسم الطرق والسبل القانونية للتخلص من تلك التعبات، وذلك لضمان عدم ديمومتها إلى الأبد.
إن الإعسار يختلف تماما عن الإفلاس، بالتالي لا يجب المساواة بينهما فيما يتعلق بالشروط الواجب توافرها في عضو مجلس المحافظة والبلدية، ولا يجوز حرمان المعسر من حقوقه السياسية أسوة بالمفلس.