الرئيسية مقالات واراء
أثار امتحان الفيزياء عاصفة من السخط، ونحن لا نجزم بشأن الأسئلة هل كانت من خارج المنهاج أو صعبة بصورة إستثنائية، لكننا نميل لتصديق الطلبة وذويهم خصوصا وأن أساتذة الفيزياء قدموا شهادات صاخبة تقول أن الأسئلة لم تكن عادلة بل أن بعضها كان تعجيزيا ولم يكن الوقت كافيا لحلّها. والوزارة انحنت أمام العاصفة وشكلت لجنة فنّية لبحث الأمر ووعدت بحل معين. لكن أصواتا مختلفة تحدثت عن مواد اخرى لم تقلّ صعوبة عن الفيزياء ولم تحصل على الاهتمام الذي سانده بقوّة أساتذة الفيزياء وهم اشتغلوا جيدا على الدروس الخصوصية وكانوا معنيين بتبييض صفحتهم. وتعالت الأصوات من طلبة الأدبي ايضا لتجاهل قضيتهم وهم عانوا من الصعوبة الاستثنائية للأسئلة هذا العام.
هل كان لدى الوزارة اذن توجه مخطط هذا العام لتصعيب الأسئلة، وهل هذا التوجه جاء كردّة فعل على ما حدث العام الماضي عندما ارتفعت المعدلات بصورة أطاحت بسمعة التوجيهي واثارت الدهشة والتندر وطرحت مشكلة القبولات اذ حاز الآلاف على معدلات كانت تقتصر على المئات لدخول كليات كالطب والعمارة. وكانت الشبهة في حينه رغبة الوزير في التغطية على ما الحقته كورونا وتعطيل المدارس من تردي بمستوى الطلبة. لن نعرف ما الذي يحدث بالضبط هذا العام كما لم نعرف ما الذي حدث العام الماضي. وسيبقى هذا هو الحال الى ان يتغير بصورة جذرية مفهوم امتحان التوجيهي.
ستجد الوزارة وسيلة ما لمعالجة قضية امتحان الفيزياء، لكن هذا لن يعالج اصل المشكلة التي تواجهنا كل عام في امتحان عفا عليه الزمن وتعجز الوزارة والحكومات المتعاقبة على حلّه. لقد خضع امتحان التوجيهي لتغييرات عدة مثل التحول الى نظام الفصلين ثم العودة عنه ثم حزم المواد وتقسيمها على التخصصات وتعديل أوزان المواد في المعدل العام لكن ذلك كله لم يغير كثيرا في الواقع وخصوصا دور امتحان التوجيهي في القبول الجامعي. وهو الأمر الذي يجعل امتحان التوجيهي وبفارق علامة او أجزاء من العلامة حاسما في تقرير مصير الطالب.
منذ عقدين ونيف تقدم الوعود وتطرح البدائل والمقترحات وهي كثيرة وتستحق الدراسة لكن ما كان ينقص هو الجرأة على القرار. وكان وزيرا التربية والتعليم والتعليم العالي (السابقان) قد قالا في ورشة مغلقة عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ان تغييرات جذرية ستحدث العام القادم (اي هذا العام) في امتحان التوجيهي والقبولات الجامعية وكان الطرح تقدميا مستنيرا اثار حماستي وكتبت مقالا عنه وطالبت بتحويل الأفكار الى قرارات ملزمة لأن الوزارات تتغير والتوجهات تتبدل. ولا اعرف اليوم موقف وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي من الخطّة التي طرحت في حينه أو اذا كان لديه افكارا مختلفة لكن الحقيقة الأخيرة أن تحديثا جذريا يجب ان يحصل في امتحان التوجيهي والقبولات الجامعية.