الرئيسية مقالات واراء

شارك من خلال الواتس اب
    عبد الهادي راجي المجالي يتحدث عن مسلسل الروابي

    عبدالهادي راجي المجالي - أريد الحديث عن مسلسل الروابي أو مدرسة الروابي , الذي ضجت به وسائل التواصل الإجتماعي ...أنا لست ضد العمل أبدا , ولكني مع المنطق في طرح الأشياء.

    نحن نستورد السيارة الأمريكية , والسلاح الأمريكي , والطعام الأمريكي ..ونستورد معدات الشحن والبواخر ..نستورد الأثاث والملاعق والأواني الأمريكية , هذا أمر معروف للجميع ..لكن هل شاهدتم شعبا يستورد الأخلاق؟

    أمريكا صدرت للعالم كل شيء إلا أنها فشلت في تصدير الأخلاق ...ونحن للأسف في مسلسل الروابي استوردنا الأخلاق الأمريكية والأفكار الأمريكية واللباس الأمريكي , وشكل المدرسة الأمريكية ..وعرضناه بلغة أردنية , فقط هي اللغة الوحيدة التي تخصنا لكن ما دون ذلك كان كله أمريكيا ....بالفكرة وحتى اللباس , وتسريحات الصبايا اللواتي قمن بتأدية الأدوار.

    يقول مظفر النواب في قصيدة له : ( النملة ..حتى النملة تعتز بثقب الأرض) ..ماذا ينقصنا نحن الأردنيون حتى نعتز بوطننا ويقيمنا وبأخلاقنا وبديننا ....كل أمم الأرض بنت حضاراتها على هضبات الأردن , كل المؤامرات الغابرة والمعاصرة انهارت على ترابه ...نحن الدولة الوحيدة في العالم التي قدمت لأجل الحفاظ على كيانها وهويتها ..(3) رؤوساء وزارات وملك ..قدمتهم شهداء أنقياء أطهار سقطوا لأجل قضية وهوية وتراب ودين ....في أقل من عشرين عام : عبدالله الأول الملك الشهيد على عتبات القدس ..ابراهيم هاشم شهيد المجزرة الدموية في العراق , وهزاع شهيد الواجب ..ووصفي شهيد المعركة الذي صعد أردنيا مطهرا مظلوما ولم يكن ظالما.

    ماذا ينقصنا حتى لا نقدم قيمنا وموروثنا وثقافتنا للعالم ؟ ...ونحن الذين أنتجتنا حضارة العرب الأنباط ....التي مازالت سرا وشاهدا على عبقرية الأردني ..ماذا ينقصنا ونحن الذين رفعنا مداميك الدولة الأموية , وعلى تراب الكرك بشرنا بانبلاج أول دولة إسلامية ...من وميض سيوف مؤتة ...ماذا ينقصنا ونحن الذين قدمنا للعالم العربي نموذجا في القيادة ..بعيدا عن الإستبداد وطبائعه قريبا للسماحة والحكمة , نظاما حقن الدم وأسس قاعدة في المواطنة عنوانها العروبة من أول الوريد وحتى مصبه.

    ماذا ينقصنا ونحن الشام , أهل الدولة الأولى والتسامح والنقاء .....الشام التي لا تقسم ولا تفرق ولا تخذل ...الشام التي قدمت الإسلام المتسامح , وبنت له المدارس ..ومن على ثراها طبعت المصاحف , وأسست مجالس التفسير ..وفي ذات الوقت احتضنت الكنائس , وقدمت للعالم معنى ومفهوم التسامح.

    هل وصل الأمر بنا كي نستورد الأخلاق الأمريكية , ونحن من صدرنا للعالم القيم والعلوم ..وصدرنا الإصرار والثورة والتحدي.

    تلك المرة الأولى في العمر التي اشاهد فيه قلة من الناس تتحزب وتتخندق خلف حرية الدراما ..وخلف تشجيع الإبداع , أنا لست ضد ذلك أبدا ...لكني ضد استيراد الأخلاق الأمريكية وتقديمها على أنها جزء أصيل من موروثنا.

    الأخلاق الأمريكية , سقطت في فيتنام ..وسقطت في أفغانستان ...وسقطت في كوريا , سقطت في أوروبا ..حتى في الصومال حين حاولوا أن يبثوا بعضا من قيمهم هربوا ..مذعورين والخوف يتملكهم.

    إن أول حصن تدافع به الشعوب عن نفسها , هو أخلاقها وقيمها ...لكن حين نستورد الأخلاق ونركن أخلاقنا الأصيلة كمنتج احتياطي ..فهذا الأمر يحتاج من مؤسسات الدولة أن تنتفض لأن الوجدان مسؤولية وطنية والعبث به جريمة.

    والله من وراء القصد.





    [19-08-2021 10:17 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع