الرئيسية مقالات واراء
لا أريد هنا أن أدب الرعب في قلوب أصحاب 1.6 مليار دولار–إن صح الرقم–هي ودائع لأردنيين في مصارف لبنان, هل هي تبخرت فعلا أم أنها موجودة في مكان ما؟
هل هي موجودة لكن على شكل قروض حصلت عليها الحكومة اللبنانية التي أعلنت إفلاسها ولم تعد قادرة على السداد.
هذا يعني أن العملية معقدة ومتشابكة وهذا يعني أنها ستطول وربما أن هذه الأموال ستبقى مجرد أرقام في ميزانيات المصارف اللبنانية إلى أمد غير معروف وإعادتها تبدو في أفق ضيق.
من حيث المبدأ الالتزام القانوني تجاه هؤلاء المودعين موجود ولا يمس، لكن الإفراج عن هذه الودائع لا يحظى بأي التزام في المدى المنظور، والعملية مرتبطة باستئناف الحكومة اللبنانية التي ستتشكل في المدى غير المنظور أيضا، عملية السداد التي ستستغرق وقتا طويلا لأن هذه الحكومة تفتقر لأي مصدر من مصادر الإيرادات فالاستثمار معطل وعوائد السياحة توقفت تماما وهما المصدران الرئيسيان للتدفقات الأجنبية، ناهيك عن أن حوالات المغتربين اللبنانيين وهم الشريحة التي كانت تعتمد عليها الدولة اللبنانية في إمدادات الدولار متوقفة أيضا.
ومن حيث المبدأ أيضا على أولئك الذين لهثوا خلف الأرباح الكبيرة التي كانت توفرها أسعار فوائد مبالغ فيها على الدولار أن يتحملوا مخاطر مغاماراتهم, هي مغامرة فعلا، وهم يعرفون سلفا أن الربح المرتفع يصاحبه مخاطر مرتفعة..
لكن الإنذارات المتتالية ما قبل الأزمة بكثير لم تكن تكفي لتنبيه هؤلاء من أن أزمة في الأفق وأن أموالهم مهددة, لكن إغراء الأرباح كان غطاء على العيون والعقول أيضا.
حتى الآن المصارف تحجز أموال المودعين المشكوك في وجودها أصلا، والحديث عن أكثر من 102 مليار دولار من الودائع لعرب وأجانب من أصل إجمالي ودائع لعموم العملاء تبلغ 227.5 تريليون ليرة (150.6 مليار دولار) وفق السعر الرسمي، بواقع 30.4 مليار دولار بالليرة، و120.2 مليار دولار بالنقد الأجنبي مصيرها مجهول لأن أموال المودعين أعيد إنفاق جزء منها على شكل قروض للبنك المركزي، والأخير أعاد إقراضها للحكومة، وهي مفلسة وخسارة البنك المركزي تناهز الخمسين ملياردولار !
المشكلة أن الحكومة في حال ردت الأموال للمصرف المركزي، فإنها ستقوم بسدادها بالليرة وكذلك سيفعل المصرف المركزي عندما يسددها للبنوك وكذلك ستفعل الأخيرة في حال ردتها للعملاء، معنى ذلك أن المودع سيحصل على ربع وديعته على أساس سعر الصرف.. يا لها من خسارة !