الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
احمد ابو جعفر - تستمثر عمان وبحذر شديد في الإستدارات السياسية التي تحدث بالمنطقة، وتناور بالمربع الأوسع من خلال اتخاذ اشكال من التمدد افقيا وعموديا عبر تكثيف الاتصالات والزيارات وتشكيل اللجان وارسال الرسائل الى العموم، للقول بإن الأردن اليوم بات لاعباً مهماً بالمنطقة وله الدور الابرز في قضاياها.
هذا الإطار العام النظري الذي يمكن البناء والاستدلال عليه من زيارة الملك الحالية الى روسيا، ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين وسياسيين، لوضع ملفات مهمة وعاجلة وحساسة على الطاولة في موسكو، ابرزها في الحد الادنى ازمة الجنوب السوري وملف قانون قيصر وكارثة الكهرباء في لبنان.
هذه المرة الـ19 خلال عقدين التي يزور بها الملك موسكو، وهو ما يدلل انه من المحال دخول البوابة السورية او الاقتراب منها دون الرجوع للنافذة الروسية، نظراً لنفوذ الروس في الساحة السورية منذ بداية الازمة ما مرت به من مخاضات حتى الان، ومع استمرار انتخاب بشار الأسد لرئاسة الجمهورية.
تدرك عمان ان التحاور مع سوريا يتطلب عدة ضمانات ابرزها الضوء الاخضر الروسي، هذا في الحال الطبيعي، فكيف به الحال الآن مع انبثاق ازمة عاجلة في لبنان، تتعلق بالطاقة والكهرباء، وقدرت الاردن على تزويد بيروت بالكهرباء، لكن من خلال الشبكة السورية.
الامر وان كان سياسيا في الوجه العام الا ان له بعد اقتصادي، فانه لدى الأردن فائض في الطاقة من انتاج الكهرباء، وعبر عملية الربط مع سوريا الى لبنان سوف تتمكن عمان من تصريف هذا الفائض وتساعد لبنان، وتقلل من معدلات الديون والخسارات التي تتكبدها شركة الكهرباء، لكن ذلك كله لن يتم الا بالقبول السوري وهو ما يعني حتما القبول الروسي.
على المدى الاخر ثمة شعور بالتوجس لدى عمان من قانون قيصر الذي فرضته ادارة ترامب البالية على سوريا، وتخوفات من تأثر التجارة الاردنية منه، وهو ما يعني شلل لحركة التجارة الاردنية السورية عبر منفذ جابر نصيب الحدودي.
وان كانت عمان تدرك الخطورة في ان تلمس هذا الجانب من المعادلة، الا انها تحاول اعادة التوازن وتوفير الهدوء في الجنوب السوري ومناطق النفور في درعا، املا باعادة الحركة لعجلات شاحنات البضائع مع الجارة سوريا.
القمة الأردنية الروسية ستأخذ بعداً اكبر من أي قمة اخرى، ليس فقط لأهمية الملفات التي سيتم بحثها، بل لآن هناك دلالات على توقيت هذه القمة، والتي جاءت بعد شهرين تقريبا من زيارة الملك الى واشنطن ولقاء الرئيس جو بايدن كاول زعيم عربي، والتقارب الواضح من انقرة واستضافة تشاووش أوغلو في عمان، وما تلاها من الغزل السياسي مع قطر، الى جانب الغوص في العمق العراقي والمصري وافراد اوراق مشاريع التكامل على الطاولة.
تمشي عمان بهذه الخطوات وتتوسع في مجالها السياسي وهي تدرك اهمية وحساسية الامر بالنسبة لبعض الدول التي لا تفضل ان يحدث أي تقارب مع تركيا وقطر، وتوازن بالقدر المستطاع بين استثمار اللحظة واستغلال الاستدارات السياسية وبين حلفائها الاستراتيجيين.
هذا التمدد قد يكون مكتمل التشكل بوضوح قبل بدء قمة قادة دول الجوار التي من المقرر ان تعقد في بغداد نهاية الشهر الحالي، وربما ستزف عمان لدول المنطقة البشرى في البدء بمشاريع التكامل التي من المأمول أن تحقق املاً اقتصادياً وانفراجة سياسية على الجميع.