الرئيسية مقالات واراء
نحن قرب خط النهاية في لجنة قانون الانتخاب واريد اشراك القارىء في بعض النقاشات الجارية من خلال مثال يوضح كيف ان بعض التعقيدات تفرض نفسها وتفرض الحاجة الى حلول خلاّقة، بعكس الانطباعات التي تتغذى على نظرية المؤامرة وتفترض أن كل شيء جاهز سلفا.
لقد تقرر بعد أخذ وردّ طويل إنشاء دائرة انتخابية عامّة يكون لها حوالي 30 % من مقاعد مجلس النواب مخصصة للقوائم الحزبية وظهر اقتراح مشروع بوجوب أن تضم القائمة مرشحين من أبناء مختلف المحافظات والدوائر حتى لا تتمركز القائمة في طابع جهوي أو فئوي ضيق بينما نريدها قوائم تحقق الاندماج السياسي للنسيج الوطني. لكن بما ان النظام هو القوائم النسبية المغلقة أي ان الحزب يرتب سلفا الأسماء فكيف يكون ترتيب ممثلي الدوائر وكيف يمكن التوافق على ترتيب لا يفجّر القائمة ؟! وهل ثمة مسطرة لضمان فرص متكافئة للأعضاء.
هل يمكن المزاوجة بين حق الحزب في ترتيب أولوية الأسماء وفي نفس الوقت ابقاء هامش فرصة لبقية المرشحين؟! هناك مثلا فكرة المزاوجة تبادليا بين الترتيب المسبق والتنافسية، فمثلا يكون المقعد الأول من نصيب المرشح الأول في القائمة والمقعد الثاني من نصيب المرشح الذي يحصل الحزب في دائرته على اعلى نسبة اصوات وهكذا. أي ان الحزب يستفيد بطريقتين فمن جهة القيادات الوطنية المعروفة التي تعمل على مستوى المملكة لجذب المؤيدين لفكر وبرنامج الحزب ومن جهة القيادات المحلية المجتمعية القادرة على حشد الأصوات للحزب وسيكون منطقيا ان تكون الأولوية في النيابة لأبن الدائرة التي تقدم الدعم الأعلى للحزب. هذا نمط من التعقيد في قواعد النظام الانتخابي تفرض نفسها لتلبية احتياجات مشروعة فنحن ندخل على نظام القوائم المغلقة شيئا يشبه بصورة معينة نظام القوائم المفتوحة على غرار ما كنا نفعل مثلا مع الكوتات حيث نطبق عليها النظام الأغلبي من داخل النظام النسبي.
بعض التعقيد في النظام الانتخابي وطريقة احتساب النتائج يجب ان لا يشمل التصويت فمن حق الناخب ان يعرف مصير صوته وأن يكون التصويت بسيطا وواضحا. والنظام الجديد على الأرجح سيعطي المواطن صوتين صوت لقائمة محلية يختار داخلها من شاء وهي طريقة واضحة وسهلة وتنعكس على النتائج مباشرة من حيث عدد المقاعد التي ستأخذها القائمة ومن يأخذها، وصوت للقائمة الحزبية ولديه في دائرته الانتخابية ممثل عنها ستكون فرصته في النجاح اقوى بقدر ما تحصل قائمته على اصوات أعلى في تلك الدائرة. مع ذلك ليس بالضروة ان يفرض هذا الترتيب على القائمة الحزبية بل يترك لها حرية أن تختار الترتيب المناسب على ان يكون معلنا ومودعا سلفا لدى الهيئة المستقلة.
في الواقع ان الانظمة الانتخابية تتيح تنويعا لا حدود له في الخيارات تراعي مختلف المصالح او الاعتبارات دون التضحية بالغاية الرئيسية المتوخاة وهي تحقيق تطوير سياسي. وقد شهدت اللجنة نقاشات ساخنة وغنية ومحاججات حول مختلف المقترحات أغنت تفكير الأعضاء انفسهم وهي تستحق اشراك المهتمين بالاطلاع عليها وقد أعود للحديث عنها في هذا المنبر او في ورقة موسعة لاحقا.