الرئيسية صوتنا
أحداث اليوم -
احمد ابو جعفر - على الهوامش ثمة اشارات تطل برأسها بشكل جلي، لها علاقة بالابعاد الإقتصادية التي كانت عمّان دوماً تسعى لتفعيلها مع دول الجوار وبالأخص أرض الكنانة مصر، وبلاد الرافدين العراق، غير أن أزمة سوريا وطول امدها، والأحداث بالضفة الغربية وتعقيدها، وغطرسة ادارة ترامب البالية كانت تحول دون تحقيق رؤية المملكة "بالأردن الجديد اقتصادياً".
على عجل وبشكل مفاجئ عُقدت ثلاثية القاهرة الخميس الماضي، بعد ايام قليلة من انتهاء اعمال قمة بغداد للتعاون والشراكة، وهو ما يعني أن مخرجات التكامل الاقتصادي التي وضعت عليها النقاط في بغداد سترى النور ولو جزئياً في القريب من مصر، وبشراكة مع السلطة الفلسطينية، عبر بوابة المباركة الأمريكية التي تسعى "لتليين الاحتلال" وفتح آفاق جديدة إمام اعادة الإعمار في غزة ومناطق بالضفة الغربية.
اول الثمار كان أول امس السبت، عندما أعلنت سوريا عبر الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني-السوري الذي يضم ممثلين للبلدين، نصري خوري، عن موافقة دمشق بتمرير الطاقة من مصر والأردن إلى لبنان، وذلك في إطار خطة أمريكية قد تستثني لبنان من العقوبات على سوريا والمعروفة بقانون قيصر، وهو يدلل على أن ثمة خطوط كانت مفتوحة بين عمان والقاهرة مع دمشق وبشراكة فلسطينية.
التوافق بالشكل العام له ابعاد اقتصادية مهمة لكل من الأردن ومصر، وسبق ان قلنا إنه سيكون هناك إشراك لكل من سوريا وفلسطين بالأمر، فعمان "تنظر لهذه المشاريع بتلهف" كون لها قيمة مضافة وأهمية كبيرة، تتمثل في تحقيق مشاريع الربط والتكامل الإقتصادي، اهمها مشاريع الربط الكهربائي مع العراق وتوريد الفائض منها للبنان عبر الشبكة السورية، إلى جانب أهمية بناء وتفعيل المركز الإقليمي الغذائي الذي سيرى النور قريباً جداً.
عمّان ومنذ سنوات تجتهد وتصب كل تركيزها على أن ترى هذه المشاريع النور، ونسقت بين كل الاطراف، وعقدت اللقاءات ووضعت الخطط لحين الشروع بالتنفيذ وقد جاء الآن وقت القطاف.
القطاع الخاص الأردني ظهر بشكل جلي مؤخراً، وعبر مراراً عن آمال اعادة احياء مشارع التكامل الإقتصادي مع دول المنطقة، وشارك على هامش قمة بغداد في لقاءات مع ممثلين اقتصاديين وتجاريين عراقيين، ووفود سبق أن زارت سوريا، ناهيك عن انتعاش التعاون والتبادل الإقتصادي مع مصر، والآن قد جاءت قمة القاهرة لتكمل هذا المسار الإقتصادي بقرارات ونتائج سيكون لها أثر كبير ومهم على اقتصاد الدول الثلاثة إلى جانب العراق.
اذاً ثمة انتقال واضح وبائن بالمنطقة "من التصعيد والتازيم والحرب إلى التكامل والتجانس والإزدهار الإقتصادي" وهو ما يترجم تماماً رؤية الملك عبد الله الثاني، حينما قال العالم الماضي خلال حوار بورلوغ الدولي الذي تنظمه مؤسسة جائزة الغذاء العالمية لمناقشة آليات تطوير قطاع الزراعة والتصنيع الغذائي، إنه يجب التركيز على ما بعد أزمة كورونا، موجهاً بوصلة العالم كلها ومركزاً على أهمية التعامل مع منظومة الأمن الغذائي جاعلاً، وأهمية وضع سبل واضحة بأدوات عملية لمواجهة شحّ الغذاء والقضاء على الجوع.
عمّان اليوم لم تعد كما كانت سابقاً، فقد بات لها الآن مساحة أكبر لتناور فيها بالمنطقة والعالم وعلى مختلف المستويات والإقتصادية أهمها، بعد أن "زالت غمامة ترامب" ووجدت المملكة "ليونة أكبر" بالحديث مع بايدن وادارة.